vendredi 4 mars 2022

عندما يقال لنا أن بوتين هتلر جديد

المعايير المزدوجة التي تسود بصفة ممنهجة في الغرب، والهندسة المتغيرة المعتمدة باستمرار للتعامل مع قضايا الساعة الملتهبة، والمفارقات التي تميز خطاب السياسة المهيمن اليوم، والنفاق، والأكاذيب وغسيل الأدمغة التي تنظمها وسائل الإعلام السائدة وينقلها المعسكر المناهض لروسيا على الشبكات الاجتماعية، كل هذا معًا يود إقناعنا بأن روسيا التي أنقذت أوروبا بالأمس من النازية هي اليوم نازية. وأن بوتين، ابن زوج من الناجين من عملية بربروسا التي شنها الرايخ الثالث ضد الاتحاد السوفياتي عام 1941، هو في الوقت الحاضر هتلر جديد يهدد بشكل خطير القارة العجوز.                                          

لنقل إذن، وفق هذه المفارقة التي تستبلهنا في الشرق كما في الغرب، أن بوتين، هذا الهتلر الجديد، هو في ذات المعسكر الذي يعيد تأهيل "سرب الحماية" [SS] الألماني سيء الذكر وشقيقه الإيطالي "القمصان السوداء"، وكلاهما تم إنعاشهما منذ ما يقرب من العشر سنوات من خلال هذه الأفواج النازية التي تم دمجها في الجيش الأوكراني، والتي لا تتحرج من رفع الشعارات المنبوذة في جزء كبير من العالم، كالصليب المعقوف وحرف الـــ SS المكرر، وكلاهما تعدان من المحرمات التي لا يسلم رافعها في الغرب لا من الملاحقة القضائية ولا من التشهير ولا من النبذ. لا حرج عليك ياغرب المفارقات أن تمنع معاداة السامية ورموزها بين حدودك، وتباركها في أوكرانيا كما يشهد وقوفك وراء القوميين المتطرفين في كييف، ورثة ستيفان بانديرا [Stephan Bandera] ومنظمته الشهيرة "أون -بي" [OUN-B] وفروعها العديدة كـــkrainische Hilfspolizei ، و Sonderdienst ، و Kripo ، و Einsatzkommandoالتي كانت كلها أذرعا أوكرانية للبوليس السري الألماني  " غيستابو" [Gestapo]، وساهمت في قتل ما يقارب من ربع مليون يهودي بأوكرانيا في أربعينيات القرن الماضي.  وإذ استولى هؤلاء الورثة على الحكم في أوكرانيا منذ 2014 بفضل الدعم المادي واللوجيستي والمعنوي للمحافظين الجدد ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية، فهذا لا يصدم في شيء لا أولئك الذين يفخرون بأفكارهم التقدمية ولا أولئك المنحدرين من الدم الذي أحل هتلر إراقته. بدليل أن لا الاشتراكي الفرنسي فرانسوا هولاند ولا الصهيوني الفرنسي برنارد هنري ليفي  تحرجا من تخليد نفسيهما في صور تذكارية تجمعهما مع الفاشيين الذين أصبحوا ، بين عشية وضحاها ، أيقونات الميدان في كييف وفي وسائل الإعلام الرئيسية بالغرب. كما لم تتحرج مؤخرا هذه البذور الصاعدة لطاعون النازية، برغم المثل العليا للجنس الآري التي تغلي في دمائها وتنضح به خطاباتها، من طلب المساعدة العسكرية من إسرائيل، ووفق نفس المفارقات العجيبة، حتى إسرائيل التي جعلت من "معاداة السامية" سلاحا تكاد قوة فتكه تتفوق على النووي، ولجمت به الأفواه في شتى انحاء الكون وأشلت به الوعي الغربي الذي سجنته في عقدة تأنيب الضمير، حتى إسرائيل هذه لم تتحرج بدورها من الوقوف وراء هذه البذور ضد الغزو الروسي! ولا ترى بأسا أن تنصر الخلف الصالح لسلف ضالع حتى النخاع في مجازر ومحارق الهولوكوست، سلف ما تنفك تلاحقه في كل ساعة وكل أرض باللعنات.

 


لنقل إذن، وفق هذه المفارقة التي تستبلهنا في الشرق كما في الغرب، أن بوتين، هذا الهتلر الجديد، لا يختلف في شيء عن بيلتسكي [Biletsky](عضو البرلمان الأوكراني حتى عام 2019) الذي طالما ردد أن "الهدف القومي لأوكرانيا هو قيادة الأجناس البيضاء في حرب صليبية ضد الأجناس الدنية التي يقودها الساميون". بوتين من نفس الفصيلة لأولئك الذين كرموا "كتاب فلاس" [Livre de Vles]، المخطوطة المزيفة التي أصبحت في أوكرانيا بمثابة "كفاحي" لكاتبه هتلر، ومرجعا أساسيا للتربية الوطنية في هذا البلد منذ تسعينات القرن الماضي، لأن المخطوطة تنسب شعوب السلاف للعرق الآري، مع ما يتضمن هذا النسب من العداء للسامية، الكفر الموصوم الذي لا يعادله كفر في الغرب.  

 


لنقل إذن، وفق هذه المفارقة التي تستبلهنا في الشرق كما في الغرب، أن بوتين، هذا الهتلر الجديد، هو من نفس الفصيلة التي ينتمي اليها الفوج الأمني لـ"آزوف" [Azov]، النسخة النازية من كو كلوكس كلان وداعش، التي حظرها فيسبوك من منصته في عام 2019، لأنه اعتبرها "نازيًة جديدًة"، ولكن أعاد فتح منصته لها منذ 24 فيفري (فبراير)، لأنه بسبب معاداته لروسيا والقتال ضد هتلر العصر الجديد، أصبح اليوم مباحا لآزوف وللأزوفيين أن يمحى عنهم ما تقدم من ذنوبهم وما تأخر ليوم الدين.

بوتين هتلر جديد؟


أحمد العامري

2022. 03. 04

 

 

 

 

 

dimanche 20 février 2022

ألتأثيل السليم لكلمة "موسكيتير" الفرنسية

 

 

 

 ترى أي ذبابة لسعت فقهاء اللغة في الغرب حتى يبيحوا لأنفسهم القول أن كلمة «موسكي mousquet" الفرنسية وأخواتها في العديد من اللغات (الألمانية "موسكات/ Muskette"، الأنجليزية "موسكات /musquet"، الإسبانية والبرتغالية "موسكات/ mosquete"، الإيطالية "موسكاتو/ moschetto"، السويدية "موسكوت musköt"، الروسية "موشكات/ "мушкет...) مشتقة من الجذر اللاتيني " موسكا musca " الذي يعني "ذبابة"؟     

أي علاقة بين هذه الحشرة الصغيرة من ذوات الجناحين والمعنى الأصلي لكلمة "موسكي mousquet" التي كانت تفيد، أول ما بدأ تداولها بإيطاليا تحت رسم ("موسكاتو/ moschetto") في مطلع القرن الرابع عشر، "سهم القوس والنشاب « flèche de l'arbalète »؟ أتراها في الحجم ؟ أم في الوزن؟ في الطنين؟ في اللسع؟ لا شيء من كل هذا في واقع الأمر، وكل ما يستند إليه أصحاب الفقه والتفقه في هذا المجال هي المعادلة الصوتية التي تبرز في الجناس بين " موسكا musca " و "موسكي mousquet". وبالتالي، فالتأثيل الشائع بخصوص هذه الكلمة في معاجم الغرب يندرج هنا فيما يسمى بالإتومولوجيا الشعبية. وليس عيبا أن أقول بصريح العبارة لمن يدعون في علم التأثيل فلسفة والتأثيل منهم بريء: ارفعوا أيديكم عن فقه اللغات وتعلموا العربية.

 رواية الفرسان الثلاثة لألكسندر دوماس الأب

كلمة "موسكي mousquet" الفرنسية وأخواتها في العديد من اللغات مشتقة في حقيقة الأمر من الكلمة العربية مِشْقَصٌ وجمعها مَشَاقِصٌ. أما معناها فهو "سهم القوس والنشاب.". والجذر العربي في مضمونه كما في شكله يتطابق بصفة لا غبار عليها مع المعنى والشكل الأولين للكلمة الغربية التي دخلت اللغة الايطالية في بداية القرن الرابع عشر: "موسكاتا moschetta".

مع بداية القرن السادس عشر، تطور معنى الكلمة في الإيطالية ليفيد "سلاحا ناريا محمولا"، وانتقلت الكلمة للفرنسية بنفس المعنى سنة 1586، وهو ذات التاريخ تقريبا الذي شهد ميلاد أول المشتقات في هذه اللغة، "mousquetaire / موسكوتار" الذي يطلق على فرد من جنود المشاة مسلح ببندقية. وفي 1620 تفرع عن الجذر مشتق ثان، mousqueton، ليفيد "بندقية قصيرة"، تلاه فيما بين 1628 و 1630  مشتق ثالث mousqueterie، ليطلق على فصيل المشاة المسلحين ببنادق في الجيش الفرنسي. وفي 1893، أضيف لكلمة mousqueton معنى ثان يفيد "حلقة مزودة بنابض ضغط، يغلق تلقائيًا، ويعمل كنظام ربط سريع للتعليق، والتثبيت، وإلغاء التثبيت".

 

وفي الختام، يحق لنا أن نتساءل ما إذا كانت العبارة الفرنسية "quelle mouche l’a piqué(e)" (أي ذبابة لسعته(ا)) التي برزت إبان ميلاد "الموسكاتوري"، وكذلك عبارة "faire mouche» (أصاب الهدف)، ليستا بدورهما سوى سليلتي نفس الجذر الذي يسند جزافا لـــ"موسكا" اللاتينية.

 

أحمد العامري

20. 02. 2022


النسخة الفرنسية لهذا المقال:

"Mousquet": le mot ne dérive pas du latin "musca" mais de l'arabe "michqass"

 

Quand les médias crachent sur Aaron Bushnell (Par Olivier Mukuna)

Visant à médiatiser son refus d'être « complice d'un génocide » et son soutien à une « Palestine libre », l'immolation d'Aar...