vendredi 7 avril 2017

في سوريا عدوان امبريالي مكشوف - بقلم برونو ڨـيـڨ

صواريخ توماهوك ضربت بالأمس مطار الشعيرات العسكري بسوريا على بعد حوالي ثلاثين كيلومترا الى الجنوب الشرقي من حمص، ولئن تصدر الحدث الصفحات الأولى من الجرائد الرسمية فإن العدوان العسكري الأمريكي ضد السيادة السورية ليس الأول إذ سبق أن قتلت القوات الجوية الامريكية 80 جنديا من الجيش العربي السوري في دير الزور بتاريخ 17 سبتمبر 2017. وهذا العدوان الجديد ما كان وليد الصدفة لأنه تزامن مع وجود الجيش الوطني بعيدا عن قواعده في مواجهة شرسة لهجوم داعشي.
في الإعادة إفادة ! فهذا القصف الجوي يمكن البيت الأبيض مجددا من إغاثة وكلائه الذين تعرضوا لعملية "فصل فص المخ الجبهي" وهم يحاربون لحسابه ضد سوريا والسيادة السورية. وإذ يضرب ترامب بطيرانه الجهاز العسكري السوري فهو يعرف أنه لا يغير شيئا من ميزان القوى غير أنه  يريد إذلال دمشق. يريد أن يبين أن بوسعه النيل من الأرض السورية حيثما شاء ومتى شاء حتى يعطي الإنطباع بأن دولة الأسد ضعيفة. ولئن بدا أن الجيش السوري وحليفه الروسي قد بوغتا هذه المرة فليس بالأكيد أن تتكرر المباغة في المستقبل.

لقد أتت مجزرة خان شيخون الكيميائية  تقريبا في الوقت المناسب لتعطي لترامب تعلة من ذهب وتسمح له باستعادة موطئ قدم في نزاع لم تجن منه واشنطن على امتداد أشهر طويلة سوى الخيبات. وتجندت وسائل الإعلام المطيعة لاستغلال النبرة التعاطفية مع ضحايا المجزرة على خير وجه حتى يتم تبرير العدوان ويحقق ترامب  ما كان يصبو إليه.

وكالعادة، لخدمة هذه العملية الدعائية يستطيع ترامب التعويل على الخنوع الهائل لوسائل الإعلام الفرنسية وقد حازت في هذا المضمار الخرقة الصهيونية التي تجرؤ على تسمية نفسها بــ"ليبيراتيون" (Libération) على قصب التلاعب العاطفي. 

غير أن القيعان الكاذبة للصحافة الباريسية تنسى  عنصرا دقيقا صغيرا: ليس هناك دليل، دليل واحد، يثبت إدانة دمشق. فحسب  السلط السورية والروسية الطيران السوري قصف مستودعا للذخيرة يحتوي على أسلحة كيمياوية تابعا للفصائل الإسلامية وهذا التفسير هو الأرجح سيما وأنه لدينا الحجة الثابتة بأن جبهة النصرة استعملت سابقا أسلحة كيمياوية وأن الترسانة الكيمياوية السورية تم تفكيكها تحت مراقبة الأمم المتحدة سنة 2014. وعلاوة على هذا، لسائل أن يسأل ما الداعي للجوء الحكومة السورية وبصفة مفاجئة لرش شعبها بالغاز ؟ لا فقط هذه التهمة لا أساس لها من الصحة ولكنها تعد أيضا إهانة للعقل السليم. ما من شك أن هناك ضحايا أبرياء في هذه الحرب غير أنه لو كان النظام السوري بستهين فعلا بمصير المدنيين لتم محو الرقة أو أدلب منذ زمن بعيد. وبالتالي فإن تحميل بشار الأسد مسؤولية هذه المجزرة لا معنى له بالمرة. هذا هراء، لا غير. وصحيح أنه بقدر ما يكون الهراء كبيرا تصبح الخدعة أسهل. فمثلما عرض كولن باول سابقا زجاجة تفاح تعرض سفيرة الولايات المتحدة  فى الامم المتحدة صورا، بحيث يعيد التاريخ نفسه، وسيستمر الخداع بلا هوادة طالما وجد أغبياء يصدقون إعلام الخداع.
ولأن حبل الخيال لا يقصر، فقد ابتكر بعض "الخبراء" حكاية بديلة: من أصدر الأمر بتنفيذ هذه المجزرة ليس بشارالأسد وإنما "الجناح المتشدد للنظام السوري". وما الداعي لها ؟ الجواب فرض حل عسكري لإفشال المفاوضات حول إنهاء النزاع وإبلاغ الروس أن صاحب القرار الأخير في الحل والربط هو هذ الجناح لا غير. ومن المعلوم أن وظيفة الصحافيين في "الفيغارو" تفرض بعض التنازلات لصاحب المؤسسة، غير أننا لسنا ملزمين باتباع جورج مالبرونو الذي يتبنى هذا الطرح حين ندرك أن هذا الأخير يكتب وفق بطاقة الخلاص ومصدرها.

إن هذا التفسير الغريب في الواقع ماهو الا تكرار لما كان يقوله بعض المعلقين بخصوص الهجوم الكيميائي الذي حدث في 21 أوت 2013 ونسب زورا لدمشق. فقد قيل أنذاك أن جنرالات سوريين  ربما كانوا من ارتكب تلك المجزرة بمبادرة ذاتية. ومن المزايا الدعائية لهذه الرواية أنها تعفي السيد الأسد من المسؤولية المباشرة وفي الآن ذاته تجرم "النظام السوري"، وهو ما يسمح بإنجاز العقد الصحفي من ناحية، ومن ناحية أخرى يعطي  لأصحاب هذا الطرح الإنطباع بانهم أذكى من عامة الصحافيين. وهو انطباع ليس بالصعب حين نأخذ بعين الإعتبار مستوى الغباء الذي وصل إليه بباغو القنوات التلفزية. غير أن هذا الطرح لا يرتكز على أسس أصلب ولا يزيد واقعية عن الطرح المذكور سابقا.

لقد أظهر تقرير مفصل صدر عن "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا" أن الهجوم الكيميائي الذي حدث في 21 أوت 2013 لا يمكن أن يأتي الا من من منطقة المتمردين وكان الصحافي المستقل سيمور هيرش قال الشيء نفسه بعد اجراء تحقيق شامل وما من شك أنه يتوجب انتظار النتائج التي ستفضي إليها تحريات مشابهة حتى يتسنى التعرف على حيثيات مأساة خان شيخون التي حملت الأبرياء مرة أخرى العبء الأكبر من حرب نفذت من قبل واشنطن وأذنابها. وحتى ذلك الحين، سيحاول الكاذبون المحترفون المستحيل لإيهامنا بأن لا أحد غير بشار وراء مجزرة  خان شيخون.

القصف الجوي الذي تم يوم 17 سبتمير 2016 كان آخر هدية من باراك أوباما لقاطعي الرؤوس. ويأتي قصف السادس من أفريل 2017 ليكون أول هدية من دونالد ترامب. باعتدائه على دمشق يظهر الرئيس الأمريكي أن لا شيء تغير في واشنطن والآمال التي أثارتها تصريحاته كمرشح جمهوري سرعان ما تبددت ليتضح الآن أنها كانت سرابا. فهذا العدوان الإمبريالي العلني يمثل نهاية لحلقة قصيرة من السياسة. مثل الآخرين، ترامب هو دمية في يد اللوبي الصناعي العسكري والولايات المتحدة هي الحرب. الحرب التي يتمعش منها هذا اللوبي، وستبفى الأمور على حالها طالما لم تتلق الولايات المتحدة الضربات الموجعة التي تعيدها لرشدها.     

  برونو ڨـيـڨ
تعريب أ.عامري
أفريل 2017


لنفس الكاتب على صفحات هذه المدونة:

رسالة مفتوحة لــــ« مشعوذي الثورة السورية »

فرنسا: مهزلة الديمقراطية الباركة تحت البوركيني


 
برونو ڨـيـڨ Bruno Guigue
برونو ڨـيـڨ من مواليد 1962 بتولوز (فرنسا) هو مفكر ومحلل سياسي فرنسي وأستاذ فلسفة جامعي محاضر في العلاقات الدولية . شغل خطة موظف دولة سام في عهد ساركوزي وأقيل من منصبه لعدم تأييده للانحياز السركوزي لاسرائيل وعدائه للصهيونية. يكتب باستمرار في موقع أمة كوم 
ويناصر بلا هوادة القضايا العادلة للعرب والمسلمين وعلى رأسها قضية فلسطين ونضالات المقاومة في لبنان وسوريا.

له العديد من المؤلفات نذكر منها:
في جذور الصراع الإسرائيلي العربي:الندم الغير مرئي للغرب

Aux origines du conflit Israélo-arabe: l’invisible remords de l’Occident (L’Harmattan, 2002)

الشرق الأوسط وحرب الكلمات
Proche-Orient : la guerre des mots, L'Harmattan, coll. « Comprendre le Moyen-Orient », Paris, Budapest et Turin, 2003

أسباب العبودية
Les raisons de l'esclavage, L'Harmattan, coll. « Économie et innovation. Krisis », Paris, Budapest et Turin, 2002

هل يتوجب حرق لينين ؟
Faut-il brûler Lénine ?, L'Harmattan, Paris, Montréal et Budapest, 2001
اقتصاد التضامن: بديل أو حل مؤقت؟
Économie solidaire : alternative ou palliatif ?, L'Harmattan, coll. « Économie et innovation », Paris et Montréal, 2002



 مقالات للكاتب على امة كوم oumma.com 








Quand les médias crachent sur Aaron Bushnell (Par Olivier Mukuna)

Visant à médiatiser son refus d'être « complice d'un génocide » et son soutien à une « Palestine libre », l'immolation d'Aar...