mercredi 30 mars 2022

يوم الأرض وتاريخ النكبة ومصطلح "الاستقلال"

 

"يجب علينا مصادرة الممتلكات بلطف. [...] علينا أن نحاول دفع السكان المًعْدَمين خارج الحدود من خلال توفير العمل لهم في بلدان العبور ومنعهم من العثور عليه عندنا. [. ..] ويجب أن تتم كل من عملية المصادرة وإبعاد المُعْدَمين بحذر وتأن."

تيودور هرتزل، يوميات 18951[1]

 تقديم: الثلاثون من مارس لكل عام هو يوم الأرض في ذاكرة الفلسطينين وكل حر في العالم يساند قضيتهم وحقهم في استرجاع ما نهبه الاستيطان الصهيوني على مر السنين. ولأن ذكرى ألأرض نبعت من مأساة اقترنت بنكبة 48، وجب التذكير بحيثيات هذه النكبة التي يشار اليها في تاريخ المحتل بــ"عيد استقلال إسرائيل".

 

تقولون عنه يوم استقلال؟ لأنه في 14 مايو/أيار 1948، تم إعلان "استقلال" دولة إسرائيل.

لكن "الاستقلال" المزعوم هو في الواقع هذيان من هوس الأساطير، هراء مطلق، كذبة بشعة تجعل التاريخ يُقْرَأُ رأساً على عقب. كيف نسمي استقلالا الاستيلاء على وطن، وتكريس واقع مرير حل بمقتضاه المغتصب الصهيوني مكان الفلسطيني الذي تم طرده من أرضه؟ كيف يمكن أن نسمي استقلالا مصادرة أملاك شعب بقوة السلاح، وإبادة مقاومته، الفعلية أو المحتملة، المسلحة أو السلمية، وطرد الناجين من ابنائه الى ما وراء الحدود بل وابعد، والحكم عليهم بهدر العمر في مخيمات اللاجئين وعلى دروب المنافي وفي بلاد الشتات؟ كيف يمكن الإيعاز لنا بأن هذا اليوم المشؤوم من تاريخ كرس محنة الشعب الفلسطيني، ولم يخل فيه يوم واحد فقط من استباحة دمه..  هو يوم عيد؟ عيد استقلال الكيان الذي صنع النكبة؟

فدولة إسرائيل التي يقال عنها -ذرا للرماد في العيون- أنها نشأت على "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض" تأسست في الواقع وفق قانون الغاب الجائر، بقوة السلاح وتواطؤ القوى الاستعمارية الغربية، على أيدي عصابة من غزاة وفدوا لفلسطين من القارات الخمس، وحققوا ما يصبون اليه، ألا وهو شَرْعَنَةَ حاضِنةٍ سموها "أرض الميعاد"، على حساب السكان الأصليين الذين طُرِدُوا من أرضهم وشُرٌدوا في شتٌى أصْقاع الكوْن. وما يسمى جغرافيا إسرائيل هي في حقيقة الأمر الأرض الفلسطينية المسلوبة، إحدى المقاطعات التاريخية منذ عدة آلاف من السنين لبلاد الشام الكبرى[2]. واغتصابها بقوة السلاح وعلى غير وجه حق لا ينفي حقيقة أنه تم بالفعل تهويدها جزءا فجزءا، أولاً من خلال موجات الهجرة قبل عام 1948، ثم بإعلان الدولة الصهيونية، ثم بداية من عام 1948 إلى يومنا هذا، عبر موجات هجرة جديدة[3]، والتوسع المستمر للمستوطنات، وضم لا نهاية له لما تبقى للفلسطينيين إلى تلك المستوطنات. و"ما تبقى للفلسطينيين" في واقع الأمر هو فتات بائس لا يغني من ضيق واختناق، جزر صغيرة من الأراضي التي، من ناحية، يستحيل قيام دولة فلسطينية ممكنة عليها، لأن هذا المشروع غير قابل للحياة، ومن ناحية أخرى هي معرضة للابتلاع واحدة تلو الأخرى، في قادم السنوات، لا بل في قادم الأيام، من قبل المحتل الإسرائيلي النهم. ويكفي أن نقارن على الخرائط ما كانت عليه فلسطين بعد التقسيم عام 1947 وما تبقى منها اليوم.

هذا الشعار الأجوف "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض" ليس أكثر ولا أقل من مجرد دجل تاريخي، نكتة صافية روجها الكيان الصهيوني، من بين أساطير أخرى تخدم شرعيته الزائفة. مثل خدع أرض إسرائيل (أريتز إسرائيل)[4] والأرض الموعودة، والشعب اليهودي، والشعب المشرد[5]، إلخ. يضاف إلى كل ذلك "التشهير"[6]  والابتزاز المستمر باسم معاداة السامية[7]... باختصار، "استقلال إسرائيل" هو بكل بساطة نكبة الفلسطينيين. وأي تعريف آخر لـ 14 أيار (مايو) 1948 ليس سوى بخور شعوذة يحاول من خلاله التاريخ والتأريخ الكاذبين، تغطية ما يزيد عن 70 عامًا من الجرائم الصهيونية، التي ارتكبت تحت حماية الإفلات من العقاب ضد الفلسطينيين والعرب.

المشاريع التاريخية للأرض الموعودة

 منذ انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول في سويسرا عام 1897، تم تشكيل الدولة اليهودية وإعادة تشكيلها عدة مرات على الورق. ومن المؤكد أن فكرة احتلال فلسطين برزت منذ فترة طويلة ليس فقط في الخطط الصهيونية ولكن أيضًا في الاستراتيجيات الغربية الهادفة إلى إضعاف العالم العربي. ففي عام 1799، كانت هذه الفكرة تخامر ذهن نابليون بونابرت، إذ كانت حاضرة في مشروعه الإمبراطوري، الذي دعا من خلال تصوره يهود إفريقيا وآسيا "إلى التجمع تحت علمه لاستعادة القدس القديمة"[8]. وقبل ذلك بوقت طويل، في عام 1665 دعا شابيتاي تسفي [Shabbetai Tzvi]، وهو يهودي تركي يزعم أنه المسيح المنتظر من قبل اليهود[9]، إلى تجديد الهيكل في القدس. لكن فلسطين مع هذا كانت لا تزال بعيدة كل البعد عن التشكيلات الافتراضية كأولوية لـ"أرض الميعاد"، سيما وأن المشاريع الجنينية لوجهات الميعاد وأرضه كانت عديدة.


 

 ويكفي القول هنا أن في المؤتمر الصهيوني الأول الذي عقد في سويسرا في أغسطس 1897، كان ما يقرب من نصف المندوبين المجتمعين في بازل مقتنعين بأن إقامة دولة صهيونية في فلسطين غير ممكنة. لأنها لن تكون قابلة للحياة في بيئة عربية-إسلامية مهيمنة عدديًا وجغرافيًا، من ناحية، ومن ناحية أخرى لأن هذه الدولة كان يراد لها بالأساس أن تكون لليهود فقط، أي أن اليهودية هي الركيزة الأساسية لها. وبالتالي، فإن ثيودور هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية فكر بادئ ذي بدء في الجزيرة القبرصية، وبعدها في الأرجنتين، فكندا، فالعراق، ثم سيناء، لتأسيس دولة إسرائيل. وفي عام 1903، قبل وفاته بفترة وجيزة، فكر في التخلي عن فلسطين تمامًا: فقد عرضت عليه بريطانيا العظمى أرضًا مساحتها 5000 كيلومتر مربع في أوغندا، وحرصه على أن تكون "أرض الميعاد" قابلة للحياة جعله يرحب كثيرا بهذا العرض. وفي عام 1934، أي قبل 14 عامًا من إنشاء إسرائيل، كان ستالين قد عرض على يهود روسيا إقليمًا خاصا بهم، أي "منطقة حكم ذاتي يهودية"، وقد تم إنشاؤه بالفعل على قطعة أرض تابعة لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية الآسيوية، بيروبيدجان، وهي حتى يومنا هذا إقليم يهودي يتمتع بالحكم الذاتي، بحيث كادت فلسطين أن تندثر للأبد من مشاريع "الأرض الموعودة". ولكن في النهاية، أراد آرثر جيمس بلفور أن يختار فلسطين كـ"أرض ميعاد لليهود"، بعد فرز الخريطة الصحيحة من العديد من الأراضي التي اعتبرت "أوطانا بلا شعب وصالحة لتكون لشعب بلا أرض". وكان إعلانه في 2 تشرين الثاني (نوفمبر) 1917 من خلال رسالة موجهة إلى البارون روتشيلد[10]، هو صك النكبة الذي دفع الفلسطينيون جراءه، بداية من 14 أيار (مايو) 1948 حتى يومنا هذا، تكاليفها الباهظة، وما يزال يدفع لما لا نهاية له هذه التكاليف.

و حتى يتم إضفاء المصداقية اللازمة للأسطورة "أرض بلا شعب" ، كان لابد من تطهير فلسطين من أولئك الذين عاشوا فيها لأكثر من 4000 عام: الفلسطينيين. ولم يدخر الصهاينة أي وسيلة للقيام بذلك، حيث عاد "شعب الله المختار" من أصقاع الشتات في القارات الخمسة إلى "أرض الميعاد" الوهمية[11].

مجازر دير ياسين

 في 9 نيسان (أبريل) 1948، وتحديدا قبل خمسة وثلاثين يومًا من إعلان الدولة اليهودية، وقعت مجزرة دير ياسين الرهيبة. فقد ارتكب حوالي 200 صهيوني مسلحين بالرشاشات والمتفجرات، بقيادة من سينال في قادم التاريخ جائزة نوبل للسلام، مناحيم بيغن، مذبحة "نموذجية" تهدف إلى وضع أسطورة الأرض بدون شعب على قاعدة صلبة. وفي يوم واحد، قُتل أكثر من 300 شخص[12]، معظمهم من الأطفال وكبار السن. وهذا الاختيار الدقيق للضحايا كان يهدف في الواقع لخدمة أغراض "بلاغية" غاية في الإقناع، تدفع أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين للهرب فورا والنجاة بجلودهم قبل فوات الأوان. وفي نفس اليوم في دير ياسين تم تدمير 450 منزلا وتشريد 750 شخصا فقدوا المأوى وما يحويه.

هذا بإيجاز تاريخ "العيد" الذي يحتفي به الصهاينة وأصدقاءهم يوم 14 ماي/أيار من كل عام، والذي كان وراء نكبة العرب الثانية بعد ميسلون وفتح أبواب النفي القسري لما يقرب من مليون فلسطيني، أصبحوا اليوم 5 ملايين لاجئ في مخيمات الدول المجاورة (لبنان، سوريا، الأردن) وأراضي الضفة الغربية وغزة وفي أصقاع شتى من المعمورة.

 

أحمد العامري

مترجم عن نص نشرته بالفرنسية على مدونتي بتاريخ 13 ماي 2013

النص الأصلي

https://amriahmed.blogspot.com/2013/05/le-14-mai-1948.html



[1] Benny Morris, Victimes: histoire revisitée du conflit arabo-sioniste, Editions Complexe, 2003, p. 35.

[2] للإشارة فقط، بلاد الشام التاريخية كانت تمتد من سورية اليوم وجزء من تركيا الجنوبية حتى غزة، مرورا بالأردن ولبنان، وكانت مساحتها الجملية قبل اتفاقية سايس-بيكو ووعد بلغور اللذين حصرا رقعتها في حدود 190 185 كلم تبلغ 300 000  كلم.

[3] في الواقع، الاستيطان الصهيوني بدأ منذ عام 1908، عندما كانت فلسطين مقاطعة تابعة للإمبراطورية العثمانية، وتم إنشاء أول كيبوتسات (مستوطنة يهودية) من قبل "مكتب أرض إسرائيل" في دجانيا. ومن 1948 إلى 1952، استرسلت عمليات الهجرة الجماعية لليهود إلى إسرائيل من الدول العربية وبلدان أوروبا. فتم نقل يهود اليمن ثم يهود العراق إلى إسرائيل من خلال عمليتي "السجادة السحرية" و   عزرا ونحميا". وصدر بعد ذلك ما سمي ب"قانون العودة" في عام 1950، بالإضافة إلى قوانين أخرى تحمل الاسم نفسه اعتمدت لاحقًا "، بغاية التحفيز على هجرة موجات جديدة من اليهود المترددين حتى ذلك الوقت. ومع استقلال البلدان المغاربية، انضم يهود هذه البلدان بدورهم إلى المستوطنين. ثم بداية من 1968، تمت إضافة أكثر من مليون ومائتي ألف يهودي من الاتحاد السوفيتي. وفي الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، شمل "قانون العودة" الفلاشا، أو "يهود إثيوبيا"، لترتفع نسبة الاستيطان أكثر فأكثر.

[4] "أرض * إسرائيل": الكمال البلاغي في التعبير المٌبَرِّر للاحتلال، والصيغة المثالية لتخصيص توراتي عادل (لا يقصد التورية)، وصيغة مجمعة لأخوة مشتتين ظلماً بعيدًا عن مهدهم، وعبارة انتقائية لفصل الدم النقي عن غيره مع الاقرار بأن الغير أقل نقاءً وصفاء، وحيثما يُنطق تعبير "إيرتز إسرائيل" يفيد ضمنيا نية ضم كل الأرض المعنية لأرض الميعاد: ذاك هو منطق هذه الصيغة المختومة بطابع بني صهيون، يريدون التسويغ من خلالها لأحقية أن يكون اليهودي المولود في روسيا أو أمريكا أو أوروبا أو آسيا أو إفريقيا أو أي مكان آخر هو المالك الشرعي للأرض التي ولد عليها الفلسطينيون وبنى فوقها أجداد أجدادهم العش الأول لهم ولأطفالهم وأحفادهم. يراد بمقتضى "كمال بلاغي" من هذا القبيل للفلسطيني الذي يستظهر بشهادة ملكية يعود تاريخها إلى 100 أو 1000 أو 3000 عام، أن يكون مجرد ساكن عشوائي لهذه الأرض. لكن الأرض، لا فقط وفق شعر فؤاد حداد وغناء سيد مكاوي، "ببتكلم عربي"، ولكن وفق الصيغة العبرية ذاتها، فكلمة " ארץ " (إيرتز) مشتقة من "أرض"، الجذر لمشترك لأكثر من لغة في العالم: "earth"، airtha، erde، erdu، erda، aard، arde، jard، jordan، وحتى الفرنسية terre التي تم قلب حروفها من erret بمقتضى ما يسمى في اللسانيات "قلب مكاني" (métathèse).

[5] لعل أبلغ شهادة على كذب هذه الدعاوى ما كتبه المؤرخ اليهودي الذي انحني تقديرا له ولشجاعته الأدبية : Comment le peuple juif fut inventé, par Shlomo Sand, Fayard, 2008، كيف تم ابتداع الشعب اليهودي / Shlomo Sand : « La Terre promise n’est pas une terre patrie israélienne » http://www.humanite.fr/monde/shlomo-sand-la-terre-promise-n-est-pas-une-terre-patrie-israelienne-506356، « Comment la terre d'Israël fut inventée » (2013), كيف تم ابتداع أرض فلسطين، « Comment j'ai cessé d'être juif » (2016)، كيف كففت أن أكون يهوديا...  

[6] انظر على مدونتي Defamation: quand les enfants désavouent le père  http://amriahmed.blogspot.com/2010/11/defamation-quand-les-enfants-desavouent.html

[7] يقول برونو غيغ في تعريفه لعبارة "معاداة السامية" التي جعل الصهاينة منها مطية لكل الاتهامات الجائرة في حق حرية التعبير: ""معاداة السامية، هي "افتح يا سمسم" لهذا الزمان، كلمة سحرية، تقول كل شيء، إنها تكثف في ومضة أهوال العالم الحديث. بالكاد تلفظ، تفرض الحذر والحيطة وتشل الذهن النقدي، وتلجم من كان يتأهب لارتكاب حماقة، كما لو كان هناك شيء مرعب ومقدس على المحك، وتلزم كل شخص بمراجعة كلماته قبل التفوه بها لئلا يرتكب معصية التجديف".

https://tunisitri.wordpress.com/2014/01/12/ahmed-amri-faut-il-pendre-ces-intellectuels-qui-nendossent-pas-le-pret-a-penser-sioniste/amp/

 

[8] Terre promise, trop promise: Genèse du conflit israélo-palestinien (1882-1948), Par Nathan Weinstock, Odile Jacob Histoire, 2011, p.26

[9] Les Contes Des Mille Et Un Mythes, vol. I, Par Nas E. Boutammina, Auto-Ed° Boutammina, 2004, p.105

[10] وعد بلفور جاء استجابة للوبي الصهيوني الذي كان متغلغلا بفضل المال في مفاصل الدولة البريطانية وغيرها من دول الغرب وكلن دوما مدعوما من طرف الصهيونية المسيحية. وفيما يلي نص الوعد السيئ الذكر:

عزيزي اللورد روتشيلد،

يسعدني أن أوجه لكم، نيابة عن حكومة جلالة الملك، البيان التالي بخصوص التعاطف مع التطلعات اليهودية والصهيونية، وهو بيان قدم إلى البرلمان ووافق عليه.

تؤيد حكومة جلالته إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل قصارى جهدها لتسهيل تحقيق هذا الهدف، مع التنصيص بوضوح أنه لن يتم فعل أي شيء قد يضر بالحقوق المدنية والحقوق الدينية للطوائف غير اليهودية الموجودة في فلسطين، أو يمس من الحقوق والوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي دولة أخرى.

سأكون ممتنا لكم لو تفضلتم باطلاع الاتحاد الصهيوني على هذا البيان.

آرثر جيمس بلفور

[11] انظر المقال بأجزائه الثلاثة الذي نشرته على مدونتي حول كتاب كمال الصليبي: "التوراة جاءت من الجزيرة العربية":

https://amriahmed.blogspot.com/2021/04/kamal-salibi-un-demystificateur-de.html

https://amriahmed.blogspot.com/2020/09/kamal-salibi-un-demystificateur-de_3.html

https://amriahmed.blogspot.com/2020/09/kamal-salibi-un-demystificateur-de_69.html

 

[12] Les Clair obscur: nouvelles, Laadi Flici, Entreprise National du Llivre [sic], 1984, p.24 

Quand les médias crachent sur Aaron Bushnell (Par Olivier Mukuna)

Visant à médiatiser son refus d'être « complice d'un génocide » et son soutien à une « Palestine libre », l'immolation d'Aar...