mercredi 30 mars 2022

يوم الأرض وتاريخ النكبة ومصطلح "الاستقلال"

 

"يجب علينا مصادرة الممتلكات بلطف. [...] علينا أن نحاول دفع السكان المًعْدَمين خارج الحدود من خلال توفير العمل لهم في بلدان العبور ومنعهم من العثور عليه عندنا. [. ..] ويجب أن تتم كل من عملية المصادرة وإبعاد المُعْدَمين بحذر وتأن."

تيودور هرتزل، يوميات 18951[1]

 تقديم: الثلاثون من مارس لكل عام هو يوم الأرض في ذاكرة الفلسطينين وكل حر في العالم يساند قضيتهم وحقهم في استرجاع ما نهبه الاستيطان الصهيوني على مر السنين. ولأن ذكرى ألأرض نبعت من مأساة اقترنت بنكبة 48، وجب التذكير بحيثيات هذه النكبة التي يشار اليها في تاريخ المحتل بــ"عيد استقلال إسرائيل".

 

تقولون عنه يوم استقلال؟ لأنه في 14 مايو/أيار 1948، تم إعلان "استقلال" دولة إسرائيل.

لكن "الاستقلال" المزعوم هو في الواقع هذيان من هوس الأساطير، هراء مطلق، كذبة بشعة تجعل التاريخ يُقْرَأُ رأساً على عقب. كيف نسمي استقلالا الاستيلاء على وطن، وتكريس واقع مرير حل بمقتضاه المغتصب الصهيوني مكان الفلسطيني الذي تم طرده من أرضه؟ كيف يمكن أن نسمي استقلالا مصادرة أملاك شعب بقوة السلاح، وإبادة مقاومته، الفعلية أو المحتملة، المسلحة أو السلمية، وطرد الناجين من ابنائه الى ما وراء الحدود بل وابعد، والحكم عليهم بهدر العمر في مخيمات اللاجئين وعلى دروب المنافي وفي بلاد الشتات؟ كيف يمكن الإيعاز لنا بأن هذا اليوم المشؤوم من تاريخ كرس محنة الشعب الفلسطيني، ولم يخل فيه يوم واحد فقط من استباحة دمه..  هو يوم عيد؟ عيد استقلال الكيان الذي صنع النكبة؟

فدولة إسرائيل التي يقال عنها -ذرا للرماد في العيون- أنها نشأت على "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض" تأسست في الواقع وفق قانون الغاب الجائر، بقوة السلاح وتواطؤ القوى الاستعمارية الغربية، على أيدي عصابة من غزاة وفدوا لفلسطين من القارات الخمس، وحققوا ما يصبون اليه، ألا وهو شَرْعَنَةَ حاضِنةٍ سموها "أرض الميعاد"، على حساب السكان الأصليين الذين طُرِدُوا من أرضهم وشُرٌدوا في شتٌى أصْقاع الكوْن. وما يسمى جغرافيا إسرائيل هي في حقيقة الأمر الأرض الفلسطينية المسلوبة، إحدى المقاطعات التاريخية منذ عدة آلاف من السنين لبلاد الشام الكبرى[2]. واغتصابها بقوة السلاح وعلى غير وجه حق لا ينفي حقيقة أنه تم بالفعل تهويدها جزءا فجزءا، أولاً من خلال موجات الهجرة قبل عام 1948، ثم بإعلان الدولة الصهيونية، ثم بداية من عام 1948 إلى يومنا هذا، عبر موجات هجرة جديدة[3]، والتوسع المستمر للمستوطنات، وضم لا نهاية له لما تبقى للفلسطينيين إلى تلك المستوطنات. و"ما تبقى للفلسطينيين" في واقع الأمر هو فتات بائس لا يغني من ضيق واختناق، جزر صغيرة من الأراضي التي، من ناحية، يستحيل قيام دولة فلسطينية ممكنة عليها، لأن هذا المشروع غير قابل للحياة، ومن ناحية أخرى هي معرضة للابتلاع واحدة تلو الأخرى، في قادم السنوات، لا بل في قادم الأيام، من قبل المحتل الإسرائيلي النهم. ويكفي أن نقارن على الخرائط ما كانت عليه فلسطين بعد التقسيم عام 1947 وما تبقى منها اليوم.

هذا الشعار الأجوف "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض" ليس أكثر ولا أقل من مجرد دجل تاريخي، نكتة صافية روجها الكيان الصهيوني، من بين أساطير أخرى تخدم شرعيته الزائفة. مثل خدع أرض إسرائيل (أريتز إسرائيل)[4] والأرض الموعودة، والشعب اليهودي، والشعب المشرد[5]، إلخ. يضاف إلى كل ذلك "التشهير"[6]  والابتزاز المستمر باسم معاداة السامية[7]... باختصار، "استقلال إسرائيل" هو بكل بساطة نكبة الفلسطينيين. وأي تعريف آخر لـ 14 أيار (مايو) 1948 ليس سوى بخور شعوذة يحاول من خلاله التاريخ والتأريخ الكاذبين، تغطية ما يزيد عن 70 عامًا من الجرائم الصهيونية، التي ارتكبت تحت حماية الإفلات من العقاب ضد الفلسطينيين والعرب.

المشاريع التاريخية للأرض الموعودة

 منذ انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول في سويسرا عام 1897، تم تشكيل الدولة اليهودية وإعادة تشكيلها عدة مرات على الورق. ومن المؤكد أن فكرة احتلال فلسطين برزت منذ فترة طويلة ليس فقط في الخطط الصهيونية ولكن أيضًا في الاستراتيجيات الغربية الهادفة إلى إضعاف العالم العربي. ففي عام 1799، كانت هذه الفكرة تخامر ذهن نابليون بونابرت، إذ كانت حاضرة في مشروعه الإمبراطوري، الذي دعا من خلال تصوره يهود إفريقيا وآسيا "إلى التجمع تحت علمه لاستعادة القدس القديمة"[8]. وقبل ذلك بوقت طويل، في عام 1665 دعا شابيتاي تسفي [Shabbetai Tzvi]، وهو يهودي تركي يزعم أنه المسيح المنتظر من قبل اليهود[9]، إلى تجديد الهيكل في القدس. لكن فلسطين مع هذا كانت لا تزال بعيدة كل البعد عن التشكيلات الافتراضية كأولوية لـ"أرض الميعاد"، سيما وأن المشاريع الجنينية لوجهات الميعاد وأرضه كانت عديدة.


 

 ويكفي القول هنا أن في المؤتمر الصهيوني الأول الذي عقد في سويسرا في أغسطس 1897، كان ما يقرب من نصف المندوبين المجتمعين في بازل مقتنعين بأن إقامة دولة صهيونية في فلسطين غير ممكنة. لأنها لن تكون قابلة للحياة في بيئة عربية-إسلامية مهيمنة عدديًا وجغرافيًا، من ناحية، ومن ناحية أخرى لأن هذه الدولة كان يراد لها بالأساس أن تكون لليهود فقط، أي أن اليهودية هي الركيزة الأساسية لها. وبالتالي، فإن ثيودور هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية فكر بادئ ذي بدء في الجزيرة القبرصية، وبعدها في الأرجنتين، فكندا، فالعراق، ثم سيناء، لتأسيس دولة إسرائيل. وفي عام 1903، قبل وفاته بفترة وجيزة، فكر في التخلي عن فلسطين تمامًا: فقد عرضت عليه بريطانيا العظمى أرضًا مساحتها 5000 كيلومتر مربع في أوغندا، وحرصه على أن تكون "أرض الميعاد" قابلة للحياة جعله يرحب كثيرا بهذا العرض. وفي عام 1934، أي قبل 14 عامًا من إنشاء إسرائيل، كان ستالين قد عرض على يهود روسيا إقليمًا خاصا بهم، أي "منطقة حكم ذاتي يهودية"، وقد تم إنشاؤه بالفعل على قطعة أرض تابعة لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية الآسيوية، بيروبيدجان، وهي حتى يومنا هذا إقليم يهودي يتمتع بالحكم الذاتي، بحيث كادت فلسطين أن تندثر للأبد من مشاريع "الأرض الموعودة". ولكن في النهاية، أراد آرثر جيمس بلفور أن يختار فلسطين كـ"أرض ميعاد لليهود"، بعد فرز الخريطة الصحيحة من العديد من الأراضي التي اعتبرت "أوطانا بلا شعب وصالحة لتكون لشعب بلا أرض". وكان إعلانه في 2 تشرين الثاني (نوفمبر) 1917 من خلال رسالة موجهة إلى البارون روتشيلد[10]، هو صك النكبة الذي دفع الفلسطينيون جراءه، بداية من 14 أيار (مايو) 1948 حتى يومنا هذا، تكاليفها الباهظة، وما يزال يدفع لما لا نهاية له هذه التكاليف.

و حتى يتم إضفاء المصداقية اللازمة للأسطورة "أرض بلا شعب" ، كان لابد من تطهير فلسطين من أولئك الذين عاشوا فيها لأكثر من 4000 عام: الفلسطينيين. ولم يدخر الصهاينة أي وسيلة للقيام بذلك، حيث عاد "شعب الله المختار" من أصقاع الشتات في القارات الخمسة إلى "أرض الميعاد" الوهمية[11].

مجازر دير ياسين

 في 9 نيسان (أبريل) 1948، وتحديدا قبل خمسة وثلاثين يومًا من إعلان الدولة اليهودية، وقعت مجزرة دير ياسين الرهيبة. فقد ارتكب حوالي 200 صهيوني مسلحين بالرشاشات والمتفجرات، بقيادة من سينال في قادم التاريخ جائزة نوبل للسلام، مناحيم بيغن، مذبحة "نموذجية" تهدف إلى وضع أسطورة الأرض بدون شعب على قاعدة صلبة. وفي يوم واحد، قُتل أكثر من 300 شخص[12]، معظمهم من الأطفال وكبار السن. وهذا الاختيار الدقيق للضحايا كان يهدف في الواقع لخدمة أغراض "بلاغية" غاية في الإقناع، تدفع أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين للهرب فورا والنجاة بجلودهم قبل فوات الأوان. وفي نفس اليوم في دير ياسين تم تدمير 450 منزلا وتشريد 750 شخصا فقدوا المأوى وما يحويه.

هذا بإيجاز تاريخ "العيد" الذي يحتفي به الصهاينة وأصدقاءهم يوم 14 ماي/أيار من كل عام، والذي كان وراء نكبة العرب الثانية بعد ميسلون وفتح أبواب النفي القسري لما يقرب من مليون فلسطيني، أصبحوا اليوم 5 ملايين لاجئ في مخيمات الدول المجاورة (لبنان، سوريا، الأردن) وأراضي الضفة الغربية وغزة وفي أصقاع شتى من المعمورة.

 

أحمد العامري

مترجم عن نص نشرته بالفرنسية على مدونتي بتاريخ 13 ماي 2013

النص الأصلي

https://amriahmed.blogspot.com/2013/05/le-14-mai-1948.html



[1] Benny Morris, Victimes: histoire revisitée du conflit arabo-sioniste, Editions Complexe, 2003, p. 35.

[2] للإشارة فقط، بلاد الشام التاريخية كانت تمتد من سورية اليوم وجزء من تركيا الجنوبية حتى غزة، مرورا بالأردن ولبنان، وكانت مساحتها الجملية قبل اتفاقية سايس-بيكو ووعد بلغور اللذين حصرا رقعتها في حدود 190 185 كلم تبلغ 300 000  كلم.

[3] في الواقع، الاستيطان الصهيوني بدأ منذ عام 1908، عندما كانت فلسطين مقاطعة تابعة للإمبراطورية العثمانية، وتم إنشاء أول كيبوتسات (مستوطنة يهودية) من قبل "مكتب أرض إسرائيل" في دجانيا. ومن 1948 إلى 1952، استرسلت عمليات الهجرة الجماعية لليهود إلى إسرائيل من الدول العربية وبلدان أوروبا. فتم نقل يهود اليمن ثم يهود العراق إلى إسرائيل من خلال عمليتي "السجادة السحرية" و   عزرا ونحميا". وصدر بعد ذلك ما سمي ب"قانون العودة" في عام 1950، بالإضافة إلى قوانين أخرى تحمل الاسم نفسه اعتمدت لاحقًا "، بغاية التحفيز على هجرة موجات جديدة من اليهود المترددين حتى ذلك الوقت. ومع استقلال البلدان المغاربية، انضم يهود هذه البلدان بدورهم إلى المستوطنين. ثم بداية من 1968، تمت إضافة أكثر من مليون ومائتي ألف يهودي من الاتحاد السوفيتي. وفي الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، شمل "قانون العودة" الفلاشا، أو "يهود إثيوبيا"، لترتفع نسبة الاستيطان أكثر فأكثر.

[4] "أرض * إسرائيل": الكمال البلاغي في التعبير المٌبَرِّر للاحتلال، والصيغة المثالية لتخصيص توراتي عادل (لا يقصد التورية)، وصيغة مجمعة لأخوة مشتتين ظلماً بعيدًا عن مهدهم، وعبارة انتقائية لفصل الدم النقي عن غيره مع الاقرار بأن الغير أقل نقاءً وصفاء، وحيثما يُنطق تعبير "إيرتز إسرائيل" يفيد ضمنيا نية ضم كل الأرض المعنية لأرض الميعاد: ذاك هو منطق هذه الصيغة المختومة بطابع بني صهيون، يريدون التسويغ من خلالها لأحقية أن يكون اليهودي المولود في روسيا أو أمريكا أو أوروبا أو آسيا أو إفريقيا أو أي مكان آخر هو المالك الشرعي للأرض التي ولد عليها الفلسطينيون وبنى فوقها أجداد أجدادهم العش الأول لهم ولأطفالهم وأحفادهم. يراد بمقتضى "كمال بلاغي" من هذا القبيل للفلسطيني الذي يستظهر بشهادة ملكية يعود تاريخها إلى 100 أو 1000 أو 3000 عام، أن يكون مجرد ساكن عشوائي لهذه الأرض. لكن الأرض، لا فقط وفق شعر فؤاد حداد وغناء سيد مكاوي، "ببتكلم عربي"، ولكن وفق الصيغة العبرية ذاتها، فكلمة " ארץ " (إيرتز) مشتقة من "أرض"، الجذر لمشترك لأكثر من لغة في العالم: "earth"، airtha، erde، erdu، erda، aard، arde، jard، jordan، وحتى الفرنسية terre التي تم قلب حروفها من erret بمقتضى ما يسمى في اللسانيات "قلب مكاني" (métathèse).

[5] لعل أبلغ شهادة على كذب هذه الدعاوى ما كتبه المؤرخ اليهودي الذي انحني تقديرا له ولشجاعته الأدبية : Comment le peuple juif fut inventé, par Shlomo Sand, Fayard, 2008، كيف تم ابتداع الشعب اليهودي / Shlomo Sand : « La Terre promise n’est pas une terre patrie israélienne » http://www.humanite.fr/monde/shlomo-sand-la-terre-promise-n-est-pas-une-terre-patrie-israelienne-506356، « Comment la terre d'Israël fut inventée » (2013), كيف تم ابتداع أرض فلسطين، « Comment j'ai cessé d'être juif » (2016)، كيف كففت أن أكون يهوديا...  

[6] انظر على مدونتي Defamation: quand les enfants désavouent le père  http://amriahmed.blogspot.com/2010/11/defamation-quand-les-enfants-desavouent.html

[7] يقول برونو غيغ في تعريفه لعبارة "معاداة السامية" التي جعل الصهاينة منها مطية لكل الاتهامات الجائرة في حق حرية التعبير: ""معاداة السامية، هي "افتح يا سمسم" لهذا الزمان، كلمة سحرية، تقول كل شيء، إنها تكثف في ومضة أهوال العالم الحديث. بالكاد تلفظ، تفرض الحذر والحيطة وتشل الذهن النقدي، وتلجم من كان يتأهب لارتكاب حماقة، كما لو كان هناك شيء مرعب ومقدس على المحك، وتلزم كل شخص بمراجعة كلماته قبل التفوه بها لئلا يرتكب معصية التجديف".

https://tunisitri.wordpress.com/2014/01/12/ahmed-amri-faut-il-pendre-ces-intellectuels-qui-nendossent-pas-le-pret-a-penser-sioniste/amp/

 

[8] Terre promise, trop promise: Genèse du conflit israélo-palestinien (1882-1948), Par Nathan Weinstock, Odile Jacob Histoire, 2011, p.26

[9] Les Contes Des Mille Et Un Mythes, vol. I, Par Nas E. Boutammina, Auto-Ed° Boutammina, 2004, p.105

[10] وعد بلفور جاء استجابة للوبي الصهيوني الذي كان متغلغلا بفضل المال في مفاصل الدولة البريطانية وغيرها من دول الغرب وكلن دوما مدعوما من طرف الصهيونية المسيحية. وفيما يلي نص الوعد السيئ الذكر:

عزيزي اللورد روتشيلد،

يسعدني أن أوجه لكم، نيابة عن حكومة جلالة الملك، البيان التالي بخصوص التعاطف مع التطلعات اليهودية والصهيونية، وهو بيان قدم إلى البرلمان ووافق عليه.

تؤيد حكومة جلالته إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل قصارى جهدها لتسهيل تحقيق هذا الهدف، مع التنصيص بوضوح أنه لن يتم فعل أي شيء قد يضر بالحقوق المدنية والحقوق الدينية للطوائف غير اليهودية الموجودة في فلسطين، أو يمس من الحقوق والوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي دولة أخرى.

سأكون ممتنا لكم لو تفضلتم باطلاع الاتحاد الصهيوني على هذا البيان.

آرثر جيمس بلفور

[11] انظر المقال بأجزائه الثلاثة الذي نشرته على مدونتي حول كتاب كمال الصليبي: "التوراة جاءت من الجزيرة العربية":

https://amriahmed.blogspot.com/2021/04/kamal-salibi-un-demystificateur-de.html

https://amriahmed.blogspot.com/2020/09/kamal-salibi-un-demystificateur-de_3.html

https://amriahmed.blogspot.com/2020/09/kamal-salibi-un-demystificateur-de_69.html

 

[12] Les Clair obscur: nouvelles, Laadi Flici, Entreprise National du Llivre [sic], 1984, p.24 

mardi 29 mars 2022

Lettre de Ahmed Manai au Président Kais Saied à propos de la Syrie (Traduction)

 

 Ouardanine, le 15 mars 2022

Monsieur le Président de la République Tunisienne,

Je vous adresse d’abord, dignes de votre rang, mes salutations.

Il y a trois ans, plus exactement le 9 février 2019, le hasard nous a réunis dans le hall d’accueil d’une
chaîne de télévision en cours de création, tous deux invités par la journaliste Mme Laila Attia Allah. Mon audience avait été enregistrée, quoiqu’à ce jour pas encore diffusée, et j’attendais d’être ramené chez moi, tandis que vous, vous venez à peine d’arriver et votre audience n’a pas encore débuté. Nous nous sommes assis pendant plus d’une heure ensemble et nous n’avons pas beaucoup parlé. Vous étiez si réservé, non sans un certain air altier comme si vous vouliez prévenir ainsi tout échange avec moi. Toutefois, si j’avais imaginé que vous deviendriez un jour Président de la République tunisienne, je vous aurais parlé de ce dont je traite par la présente, car c’est ma préoccupation depuis onze ans.

Kaïs Saïed

La question concerne les relations diplomatiques tuniso-syriennes, qui ont été rompues il y a dix ans, et la nécessité de les rétablir, car je pense que le peuple le souhaite, même si je ne l’ai pas consulté à ce sujet.   

J’ai déjà écrit à ce propos à messieurs l’ex-président provisoire et le ministre des Affaires extérieures dans le gouvernement provisoire de l’époque, quand bien même cette dernière correspondance était implicitement adressée au beau-père de tel ministre, Ghannouchi, dont la main mise sur le pays avait atteint un degré tel qu’il déclarait, immédiatement au lendemain des élections législatives de 2011, que la Tunisie allait renvoyer les ambassadeurs de Syrie et du Yémen et délivrer les locaux de leurs ambassades respectives  à   l’opposition des deux pays concernés. Ghannouchi n’était alors que chef d’un parti qui a remporté la majorité électorale.   

J’ai écrit également au chef de parlement et aux députés. Puis en co-auteur avec la militante Hend Yahia, j’ai encore écrit au défunt président Béji Caïd Essebsi, à son ministre des Affaires extérieures ainsi que, par trois fois, au président turc Recep Tayyip Erdoğan. Ce dernier était ce que l’on peut appeler une vieille connaissance, lui ayant rendu visite à Istanbul à la tête d’une délégation internationale en date du 18 mai 1998. C’était à la fois pour le soutenir alors qu’il faisait face à un procès martial, et pour lui faire part de mon désaccord car il a impliqué son pays dans une guerre d’agression contre la Syrie.

Il est donc tout à fait naturel que je vous écrive à votre tour, votre Excellence étant le Président de la république tunisienne, même si je constate qu’actuellement, vous êtes bien plus préoccupé par les soucis de semoule, de farine, d’huile subventionnée, que des problèmes internationaux. Cependant, ces soucis d’ordre intérieur, si importants soient-ils, ne sauraient s’accaparer en exclusivité l’attention d’un président de la république. Quoiqu’il en soit, le devoir me somme de vous écrire, d’autant que je suis d’ores et déjà certain que vous serez le dernier président tunisien que j’aurais interpellé à ce sujet.

Prémices [de la tragédie syrienne]

À la mi-mars 2011, des manifestations, des émeutes et des violences ont éclaté dans la ville de Deraa, dans le sud de la Syrie, à la frontière jordanienne. Cela a commencé à l’instar de ce que connurent de nombreux pays arabes, à commencer par la Tunisie ; puis la contagion s’est rapidement étendue aux villes, villages, zones rurales et de nombreuses bourgades de Syrie. La violence s’est accrue et ses victimes allaient croissant, déplorées aussi bien du côté des civils, des universitaires, des étudiants et autres catégories, que du côté des forces de l’ordre gouvernementales, avec, notamment, de nombreux assassinats ciblant des soldats et des policiers. Puis les violences ont atteint leur paroxysme lorsque, au mois de juin, un attentat à la bombe, le tristement célèbre massacre de Jisr al-Choghour, a ciblé une caserne, tuant pas moins de cent vingt membres de la sécurité.

Mission d’observation arabe

A travers une démarche unique dans l’histoire de la Ligue arabe, le Conseil des ministres arabes des Affaires étrangères a approuvé une initiative concernant la Syrie, et ce dans le but d’aider ce pays frère à résoudre au plus tôt sa crise politique. Cela a été fait, et les observateurs arabes ont accompli ce qui leur avait été confié, puis ils ont rendu un rapport à la fois objectif, professionnel, honnête, complet et équilibré, lequel a été soumis par le chef de mission au Conseil de la Ligue le 17 janvier 2012. Le rapport conclut entre autres que les autorités policières et militaires syriennes n’ont eu recours au tir que pour riposter en légitime défense à des éléments armés. C’est probablement ce constat qui a dû enrager certains pays, lesquels avaient hâte de mettre en œuvre la destruction de la Syrie, ce qui les a incités à enterrer le rapport d’une part, et d’autre part accélérer le renvoi de l’affaire devant Conseil de sécurité, espérant que ce dernier légifèrerait dans le sens qu’il avait suivi auparavant au sujet de la Libye. Mais cette tentative a lamentablement échoué, comme vous le savez, à cause de l’utilisation par la Chine et la Russie du véto.     


J’étais l’un des membres de la mission, je suis Ahmed Manaï   

J’étais l’un des cent soixante membres de l’expédition, et le rapport que la Ligue arabe a dissimulé m’a été envoyé par e-mail par mon regretté ami, Dr Qais Al-Azzaoui, à l’époque représentant de l’Irak à la Ligue arabe. Je l’ai découpé en trois séquences [en vue de le faire traduire], envoyant l’une à mon ami Safouane Grira à Paris -personnage que vous connaissez bien puisque vous avez assisté à sa cérémonie de son mariage, une autre à l’ami algérien Omar-Al-Mazri à Aix-en-Provence. Et j’ai conservé la dernière séquence pour moi. Au bout de deux jours, la traduction française était prête ; et le site de l’Institut tunisien des relations internationales l’a publiée, puis à partir de la version française, le texte a été traduit en diverses autres langues.

Le 5 février, la Tunisie a rompu ses relations avec la Syrie, expulsé la délégation syrienne de Tunisie et invité notre ambassadeur à Damas à revenir au pays, laissant notre diaspora en Syrie à découvert, sans protection consulaire. Le 24 février 2012, la Tunisie accueillait le symposium de ce que l’on a convenu d’appeler « les Amis de la Syrie ». Or ce dont personne ne doute, c’est que pas un Etat, un seul de toute cette clique internationale d’imposteurs, ne pourrait soutenir la grotesque usurpation d’identité. Ces tristes saltimbanques réunis audit symposium -est-il besoin de le rappeler ? ont été tour à tour racoleurs et commanditaires -en Orient comme en Occident- de légions de terroristes, instructeurs militaires de ces légions, bailleurs de fonds les entretenant sur un grand pied, pondeurs de fatwas sanctifiant pour leur « noble cause » même l’insensé [prostitution jihadiste], et propagandistes dévoués -officiels et leurs médias- de telles hordes du chaos. Tous se sont ligués pour détruire la Syrie, tous ont œuvré à démanteler son Etat. J’en veux pour exemple l’aveu de l’ex-chef de gouvernement qatari que son pays a dépensé cent trente-cinq milliards dans les basses manœuvres visant à faire tomber la Syrie. Mais…

Dix ans de guerre planétaire contre un peuple magnanime

 Cent trente pays enthousiasmés, des plus grands aux plus nains, tous égaux et se valant en criminalité, ainsi que les ignobles organisations terroristes wahhabites et fréristes, se sont réunis en Tunisie pour ourdir le plan d’attaque contre la Syrie. Et c’était à dessein de renverser son État, profaner sa terre, disperser son peuple et s’emparer de ses ressources. S’ensuivirent dix ans de guerre des plus sale où tout fut permis : les tueries, les destructions d’infrastructures et de tout, le boycott économique et financier, les « pactes » implicites de famine, le pillage de pétrole national, le vol d’usines, la destruction par le feu de récoltes agricoles, et par-dessus cela encore, les mensonges systématiques, les calomnies, les tartufferies instrumentalisant la religion… Un bon nombre de Tunisiens ont contribué dans une large mesure à ces crimes, qui par le racolage de recrues destinées à l’Holocauste syrien, comme les cheikhs apôtres de terrorisme formant la coterie des soi-disant oulémas musulmans (dont Ghannouchi, Al-Khadmi, Al-Najjar et d’autres), qui par l’action directe sur le terrain, soit en tant que zélote, tueur, sicaire, exécuteur de hautes besognes, soit tout simplement en tant que ravisseur [entre autres de femmes et d’enfants destinés à la traite d’humains dont raffolait le tristement célèbre calife al-Baghdadi].

Un des cas humains, sans doute l’unique dont les faits ne cessent de m’impressionner, est Ghannouchi. Je l’ai connu en octobre 1968 à la mosquée de Paris. Il venait alors de Syrie et m’a raconté que c’était à Damas qu’il a connu sa « seconde naissance ». Là, il avait pu faire ses études et loger gratuitement. C’était là aussi qu’il avait prétendu avoir porté les armes pour défendre Damas qui, pendant la guerre de 1967, était menacé de conquête sioniste.

Cette même terre de « seconde naissance », en l’an 1999, a accueilli 17 personnes, tous hommes de main militaires ou civils de ce même Ghannouchi, qui avaient été extradés du Soudan vers lequel ils avaient fui au lendemain de l’échec de leur tentative de coup d’Etat en Tunisie. Ces personnes ont joui pleinement de l’hospitalité syrienne jusqu’en 2002, lorsque les Nations Unies leur ont trouvé ailleurs d’autres pays d’asile.  

Il n’y a pas que ces faits paradoxaux dans les hauts faits et gestes de Monsieur Ghannouchi. En 2015, quand il s’est avéré que les terroristes qu’il avait envoyés en Syrie ont échoué dans leur mission et commençaient à revenir en Tunisie, dans sa phraséologie les survivants de ses légions de recrues devenaient « chair putride » !  « Chair putride » alors qu’ils étaient jusque-là « Conquérants du sein d’Allah [paradis] pour leur propre salut aussi bien que pour le salut de leurs proches » !  Et comble du délire, en 2018 Ghannouchi saluait encore les frappes aériennes américaines contre la Syrie.

Monsieur le Président,

En toute sincérité, je ne vous demanderais pas de rétablir les relations avec la Syrie, car je sais que ce serait une entreprise difficile pour vous. Néanmoins, n’oubliez pas que le monde change rapidement autour de nous.  Et la victoire de la Syrie contre ses agresseurs constitue l’un des nombreux facteurs motivant ce changement. Tout au long des dix dernières années, les Syriens, en tant que peuple, armée, instances dirigeantes et président, ont résisté, combattu, persévéré, fait preuve de pugnacité, eux et leurs alliés, et fini par remporter -ce qui dans les annales humaines sera cité ainsi, la première victoire d’un Etat, d’un pays et d’un peuple contre une conjuration planétaire où l’Occident colonial, ses valets locaux, les messianismes judéo-chrétien et islamiste, n’ont tiré que l’avanie et le déshonneur.

 Vous, Monsieur le Président, au lieu d’adopter cet attentisme que plus rien n’est censé motiver, vous pouvez faire quelque chose en direction de la communauté tunisienne vivant en Syrie.  Cette communauté n’a que trop enduré l’incurie, l’indifférence, le mépris des gouvernements successifs de son pays. Vous pouvez également faire quelque chose en direction des Syriens réfugiés en Tunisie. Car -est-il besoin de le rappeler ? au moment où la plupart de ces Syriens végètent dans l’indigence en Tunisie, survivant à la faveur de la mendicité et exclus de tout cadre législatif pouvant leur assurer un semblant de vie décente, il en va tout autrement pour les Tunisiens qui vivent en Syrie. Ceux-là, outre la protection dont ils bénéficient au niveau des lois syriennes, ne sont pas condamnés à mendier. Beaucoup, sans nul besoin de demander la nationalité, sont des fonctionnaires employés sans discrimination aucune dans les services gouvernementaux. Ils sont traités comme les citoyens syriens, et jamais je n’ai entendu dire que les autorités syriennes ou d’autres services aient puni tel ou tel Tunisien pour les crimes infâmes commis par des terroristes de notre pays à l’encontre des Syriens.    

Si je devais vous indiquer quelque urgence à ce propos, je vous dirais : fournir aux Tunisiens résidant en Syrie les services permettant de faciliter l’octroi de passeports dont les demandeurs attendent plus d’une année avant de les obtenir. Octroi de bourses également, entre autres moyens de soutien matériel, aussi bien aux étudiants tunisiens en Syrie qu’aux étudiants syriens en Tunisie, ce qui permettrait surtout à ces derniers d’avoir des conditions plus propices au séjour et à l’étude.

Je vous écris parce que je crois, compte tenu de mon âge et de mon état de santé, que vous serez la dernière plus haute instance à laquelle j’aurais écrit sans en attendre en contrepartie quelque chose de notable.

Veuillez agréer, Monsieur le Président, mes sincères salutations.

Ahmed Al Manaï

Président de l’Institut Tunisien des Relations Internationales et membre de l’ancienne mission arabe en Syrie

Traduction A. Amri
28. 03. 2022


 

Quand les médias crachent sur Aaron Bushnell (Par Olivier Mukuna)

Visant à médiatiser son refus d'être « complice d'un génocide » et son soutien à une « Palestine libre », l'immolation d'Aar...