dimanche 20 février 2022

ألتأثيل السليم لكلمة "موسكيتير" الفرنسية

 

 

 

 ترى أي ذبابة لسعت فقهاء اللغة في الغرب حتى يبيحوا لأنفسهم القول أن كلمة «موسكي mousquet" الفرنسية وأخواتها في العديد من اللغات (الألمانية "موسكات/ Muskette"، الأنجليزية "موسكات /musquet"، الإسبانية والبرتغالية "موسكات/ mosquete"، الإيطالية "موسكاتو/ moschetto"، السويدية "موسكوت musköt"، الروسية "موشكات/ "мушкет...) مشتقة من الجذر اللاتيني " موسكا musca " الذي يعني "ذبابة"؟     

أي علاقة بين هذه الحشرة الصغيرة من ذوات الجناحين والمعنى الأصلي لكلمة "موسكي mousquet" التي كانت تفيد، أول ما بدأ تداولها بإيطاليا تحت رسم ("موسكاتو/ moschetto") في مطلع القرن الرابع عشر، "سهم القوس والنشاب « flèche de l'arbalète »؟ أتراها في الحجم ؟ أم في الوزن؟ في الطنين؟ في اللسع؟ لا شيء من كل هذا في واقع الأمر، وكل ما يستند إليه أصحاب الفقه والتفقه في هذا المجال هي المعادلة الصوتية التي تبرز في الجناس بين " موسكا musca " و "موسكي mousquet". وبالتالي، فالتأثيل الشائع بخصوص هذه الكلمة في معاجم الغرب يندرج هنا فيما يسمى بالإتومولوجيا الشعبية. وليس عيبا أن أقول بصريح العبارة لمن يدعون في علم التأثيل فلسفة والتأثيل منهم بريء: ارفعوا أيديكم عن فقه اللغات وتعلموا العربية.

 رواية الفرسان الثلاثة لألكسندر دوماس الأب

كلمة "موسكي mousquet" الفرنسية وأخواتها في العديد من اللغات مشتقة في حقيقة الأمر من الكلمة العربية مِشْقَصٌ وجمعها مَشَاقِصٌ. أما معناها فهو "سهم القوس والنشاب.". والجذر العربي في مضمونه كما في شكله يتطابق بصفة لا غبار عليها مع المعنى والشكل الأولين للكلمة الغربية التي دخلت اللغة الايطالية في بداية القرن الرابع عشر: "موسكاتا moschetta".

مع بداية القرن السادس عشر، تطور معنى الكلمة في الإيطالية ليفيد "سلاحا ناريا محمولا"، وانتقلت الكلمة للفرنسية بنفس المعنى سنة 1586، وهو ذات التاريخ تقريبا الذي شهد ميلاد أول المشتقات في هذه اللغة، "mousquetaire / موسكوتار" الذي يطلق على فرد من جنود المشاة مسلح ببندقية. وفي 1620 تفرع عن الجذر مشتق ثان، mousqueton، ليفيد "بندقية قصيرة"، تلاه فيما بين 1628 و 1630  مشتق ثالث mousqueterie، ليطلق على فصيل المشاة المسلحين ببنادق في الجيش الفرنسي. وفي 1893، أضيف لكلمة mousqueton معنى ثان يفيد "حلقة مزودة بنابض ضغط، يغلق تلقائيًا، ويعمل كنظام ربط سريع للتعليق، والتثبيت، وإلغاء التثبيت".

 

وفي الختام، يحق لنا أن نتساءل ما إذا كانت العبارة الفرنسية "quelle mouche l’a piqué(e)" (أي ذبابة لسعته(ا)) التي برزت إبان ميلاد "الموسكاتوري"، وكذلك عبارة "faire mouche» (أصاب الهدف)، ليستا بدورهما سوى سليلتي نفس الجذر الذي يسند جزافا لـــ"موسكا" اللاتينية.

 

أحمد العامري

20. 02. 2022


النسخة الفرنسية لهذا المقال:

"Mousquet": le mot ne dérive pas du latin "musca" mais de l'arabe "michqass"

 

Aucun commentaire:

Quand les médias crachent sur Aaron Bushnell (Par Olivier Mukuna)

Visant à médiatiser son refus d'être « complice d'un génocide » et son soutien à une « Palestine libre », l'immolation d'Aar...