Affichage des articles dont le libellé est فرنسا وفلسطين. Afficher tous les articles
Affichage des articles dont le libellé est فرنسا وفلسطين. Afficher tous les articles

samedi 25 janvier 2020

فرنسا وفلسطين، بقلم برونو غيغ

في الوقت الذي استوفى فيه ماكرون مناسك حج التوبة بتل أبيب، لا يسعنا إلا أن نستحضر صوتا آخر لفرنسا، مغيبا في أجهزة الإعلام الخاضعة في جلها لقوى الضغط الصهيونية، من خلال مداخلة  لبرونو غيغ في مؤتمر انعقد بباريس سنة 2016 تحت عنوان "الدبلوماسية الفرنسية في الشرق الأوسط".




سوف أبدأ بأطروفة شخصية: في افريل 2008، تم طردي من الوظيفة السامية العمومية لأنني كتبت في مقال أن الجيش الإسرائيلي يقتل أطفالا في فلسطين. ولأن الحكومة قررت أن تعطي صدى كبيرا لهذا العزل العادي جدا في نهاية الأمر، حدث بهذه المناسبة أن المرجع الشيعي اللبناني الذي كان أنذاك محمد حسين فضل الله نشر بيانا صحافيا من بيروت حيث كان يقيم، شارحا فيه أن عزل هذا الموظف السامي من قبل الحكومة الفرنسية يبين أن السياسة الفرنسية سيئة، وفي الشرق الأوسط قطعا، ليست جزءا من الحل وإنما هي جزء من المشكلة. هذا كلامه. وبالفعل، السؤال الذي يمكن طرحه هو هل أن فرنسا جزء، ولو بنسبة لا تذكر، من الحل أم هي جزء من المشكلة. وباعتبار أن موضوع مداخلتي هو "فرنسا وفلسطين" والأمر يتعلق بتحليل السياسة الفرنسية في الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة، سأبدأ بكل بساطة في مرحلة أولى بالإستفهام عما قامت به الرئاسة الحالية ثم أتساءل معكم ما إذا كان أداء فرانسوا هولاند في هذا المجال يتباين مع السياسة المعتمدة من طرف أسلافه.                                
 

الملاحظة الأولى التي يمكن أن نسجلها، هي أنه للوهلة الأولى، بين سياسة فرانسوا هولاند وسياسة نيكولا ساركوزي في موضوع المسألة الفلسطينية-الإسرائيلية (وبطبيعة الحال، ما دام موضوعي يدور حول فرنسا وفلسطين، فأنا مضطر للحديث أيضا عن إسرائيل) تبدو الخطوط العريضة متجانسة، إذ لا نرى مبدئيا فارقا كبيرا. غير أننا إذا تمعنا أكثر في السياستين، فسنرى رغم ذلك فارقا، وهذا ما أشار إليه منذ حين صديقي روني نابا. هناك بروز للملامح، والسمات الخاصة لسياسة نيكولا ساركوزي في هذا المجال برزت بصفة أوضح مع فرانسوا هولاند. العنصر الأول، بكل بساطة، والرمز ليس هزيلا، لم يؤد نيكولا ساركوزي أبدا زيارة رسمية لإسرائيل. أما فرانسوا هولاند فقد قام بذلك. في نوفمبر 2013، ذهب فعلا لإسرائيل، وبإمكاني القول أن أصدقاءه الصهاينة بسطوا أمامه السجادة الحمراء. في الوقت الذي كان فيه رئيس فرنسا المصابة بالإرباك مسحورا وهو يحط ساقيه في مطار بن غوريون، كان سكان غزة يختنقون تحت الحصار، محرومين من الكهرباء. أدى السيد هولاند زيارات مختلفة دعاه لها أصدقاؤه في تل أبيب. وشارك بالخصوص في مأدبة عشاء (بإمكانكم رؤية الفيديو على يوتيوب، وهو على غاية من التوضيح) وقد تقاسم مع بنيامين نتانياهو كعكة عليها كلمة "سلام". وغنى! لست أدري بماذا تغنى، ولكن الأمر على ما يبدو أخاذ بشكل مدهش، ويبدو أنهم كانوا مبتهجين للغاية.  وحدث أنه على إثر هذا العشاء، فرانسوا هولاند (وهذا أمر مدهش في كل الحالات من لدن رئيس دولة) قال، تفوه بهذه الصيغة المذهلة: "دوما سوف أحب قادة إسرائيل!" يمكننا صياغة الجملة بنحو آخر: «سوف أحب قادة إسرائيل دوما!" عندما يصرح رئيس دولة فرنسي، رئيس الجمهورية الفرنسية، بأنه سوف يحب دائما قادة بلد ما، أنا أتساءل ماذا يمكن أن ينتج عن ذلك لو غدا، على سبيل المثال، أحد المسؤولين في إسرائيل، الحارس السابق لملهى ليلي، المولدافي الذي يشغل خطة وزير للدفاع في إسرائيل، قرر أن يقطع بالبليطة، كما فكر في ذلك سابقا، المعارضين لسياسته. هل سيصرح الرئيس الفرنسي حينذاك أنه يحب دوما قادة إسرائيل؟ أترك الإجابة لكم.
 

هذه الزيارة كانت مذهلة بوجه خاص ولم تؤت شيئا بالمرة على الصعيد الدبلوماسي باعتبارها لم تغير، ولو قيد أنملة، الخطوط المعتمدة من هذا أو ذاك. والسيد هولاند عاد لبيته. هذا مثال جيد، في اعتقادي، لما يمكن أن نسميه -وهي تورية- موالاة مدهشة للغاية من السياسة الفرنسية لإسرائيل. المثال الثاني، كلكم تحتفظون به في الذاكرة: في جويلية/أوت (يوليو/أغسطس)، هناك هجوم مدمر من الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة أودى، على وجه الخصوص، بحياة 400 طفل فلسطيني. ماذا فعلت الحكومة الفرنسية؟ ماذا كان رد فعلها المباشر، أي خلال الثماني وأربعين ساعة الأولى؟ هل طالبت بحقن دماء المدنيين الفلسطينيين؟ لا. هل طالبت بأن تمارس الحكومة الإسرائيلية الكبح، مثلما يقال؟ قطعا لا. هل طالبت بأن تفك إسرائيل الحصار؟ قطعا لا. لكنها اتهمت المقاومة الفلسطينية بأنها كانت السبب في المواجهات. لقد أشارت بالإصبع لحماس متهمة إياها عن غير حق. حماس هذه التي كانت مدرجة على قائمة المنظمات الإرهابية بتحريض من فرنسا على وجه الخصوص، والحال أن هذه المنظمة –يجب التذكير بذلك- مهما كانت توجهاتها الإيديولوجية ومهما كان رأينا في هذه التوجهات، قد فازت بالإنتخابات التشريعية في 2006. 
 

إذن فرنسا هذه، حين تكون الأوضاع في قمة الأزمات، وهكذا كان الحال في  جويلية/أوت (يوليو/أغسطس) 2014، حين تمطر إسرائيل غزة بالقنابل –أذكر أن حصيلة الموتى فاقت 1400، بل 1500 شخص، وبعض الإحصائيات تذهب حتى 1700 شخص من الجانب الفلسطيني وأغلبيتهم مدنيون بطبيعة الحال، في حين بلغ عدد القتلى من الجهة الإسرائيلية 70 شخصا منهم 3 مدنيين (بقية الموتى هم جنود إسرائيليون سقطوا في القتال)- إذن في وضع تكون فيه المواجهة العسكرية قد بلغت ذروتها بين محتل (لأن إسرائيل هي قوة محتلة، وإلا فإن الكلمات لا معنى لها) ومقاومة مسلحة، فرنسا تختار الوقوف إلى جانب المحتل.
 

زيارة رسمية يصرح خلالها الرئيس أنه سيحب دوما قادة إسرائيل، ثم تبني موقف واضح وجلي من طرف فرنسا وعلى لسان أعلى مسؤوليها داعم لإسرائيل في وقت اتسم بمواجهة دموية كتلك التي شهدناها في جويلية/أوت (يوليو/أغسطس) 2014. نرى بوضوح في هذه الحالة أن السياسة الفرنسية مع فرانسوا هولاند لا تتنكر للمبادئ التي وضعها سلفه، ذاك الذي حفر قبر الديغولية، نيكولا ساركوزي. بل هي على العكس زادت من الأطلسية ومن ولاء باريس الذي يكاد يكون هزليا لتل أبيب.  وهذا شيء، مثلما تمت الإشارة إليه في وقت سابق، في غاية من التماسك.                   
 

الشيء المدهش أيضا هو، في نهاية الأمر، الإعتماد المنهجي، من خلال الخطاب السياسي الرسمي لفرنسا بخصوص النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، لمبدأ ازدواجية المعايير، مبدأ نصل فيه حتى لتحميل الفلسطينيين المسؤولية في مصائبهم. لأنه حين يشار بالإصبع للمسؤولية، بل للذنب الذي ينسب للمقاومة الفلسطينية في المواجهة العسكرية مع المحتل، فذلك معناه في نهاية الأمر أن الفلسطينيين يعتبرون مسؤولين [عما يجري لهم ]. هم مسؤولون عن الفظاعات التي تلحقهم من المحتل. وبالتالي، فإن فرنسا من خلال صوت ممثليها، لا أتحدث هنا عن فرنسا في ديمومتها وإنما عن تلك التي يمثلها مسؤولوها الحاليون تتصرف كما لو لم يكن العنف البنيوي للمحتل هو الدافع للمقاومة المسلحة، وإنما العكس. إذا كانت هناك مقاومة مسلحة فلأن هناك احتلال عسكري. ولكن يتم تناسي هذا. الجينرال دي غول قال هذا الكلام، وقاله أيضا بصفة جيدة منذ حين فيليب دي سانت روبرت. لكن دي غول ليس المرجعية المفضلة لقادة فرنسا الحاليين. يتم تفضيل كوشنير على دي غول واعتماد لغة جديدة مُغَمْغِمة يُتَبَجّحُ فيها بمبادئ إنسانية مزدوجة المعايير تكون صالحة إذا كان هناك ضحايا تحت النظام السوري وبالمقابل غير صالحة بالمطلق حين تكون هذه الضحايا على يد المحتل الإسرائيلي.
 

برونو غيغ، وقائع الأمبريالية والمقاومة،
نشر المعهد التونسي للعلاقات الدولية، 2018
صحيح أنه حين ننظر لمسار الرئيس الحالي، لا نستغرب ما يصدر عنه. لقد كان متعودا، قبل أن يصبح رئيسا، على مآدب العشاء الشهيرة هذه، التي يقدم فيها قادة فرنسا الخواتم تلو الأخرى لإعلان الولاء والإحتفاء بزفاف المفارقات بين جمهورية تريد لنفسها أن تكون علمانية وبؤرة طائفية تم التطرق في وقت سابق لتأثيرها. ونفس فرانسوا هولاند هذا كان قد أعلن خلال تلك المآدب –وأوفى بوعده- أن كل ما فيه دعم للعرب وقدم ديغولي سيتم تطهيره من هذه العناصر الغير ملائمة. إذن انحياز من فرنسا لإسرائيل: تلك هي السياسة الفلسطينية لفرنسا. بطبيعة الحال، هناك 132 دولة اعترفت بفلسطين، ومازلنا ننتظر الى اليوم فرنسا. وحين نستمع لمبررات قادتنا، يقال لنا دوما أن الوقت غير ملائم. قبل المؤتمر الأممي المنعقد في 3 جوان/حزيران، قيل: "ما يزال الوقت مبكرا جدا". ربما ينبغي لنا أن نستشير العرافين لنعرف متى يتوجب علينا القيام بهذا! ربما ينبغي أن نشق كبد الدجاج حتى يدلنا ما إذا كان الطالع حسنا! بعد المؤتمر المذكور، يبدو أن الوقت أصبح متأخرا جدا باعتبار أننا لم نعلن بعد عن الإعتراف. قبل المؤتمر قيل لنا أنه لا ينبغي التنكيد على إسرائيل التي أعلنت، علاوة على ذلك، أنها لن تحظر، وبالتالي فالإعتراف سيكون سخيفا على مستويين. وبعد المؤتمر، ما دامت إسرائيل لم تحظر لأنها غير مهتمة بالأمر، فلا يعقل أن يتم الإعتراف. وبالتالي حتى وإن كانت هناك 32 دولة معترفة بفلسطين، حتى وإن كان الإعتراف رمزيا ولا يغني من جوع، فإن فرنسا تمتنع عن الإعتراف. وفي المقابل، نحب حبا عميقا قادة إسرائيل!
 

بخصوص المؤتمر العالمي المشار اليه والذي تحدثنا عنه قليلا فيما سبق، في كلمتين ولن أطيل أكثر، نعرف أن الولايات المتحدة أعلنت عدم مشاركتها وكذلك الإسرائيليين كعادتهم دوما منذ أمد طويل. ولا ينتظر أن يتولد عنه شيء يذكر. هو الجبل أو لنقل الهضبة التي تتمخض فتلد فأرا. ونرى جيدا أن العملية التي يزعم أنها انطلقت لن تؤتي شيئا، والعالم كله يعرف ذلك، بما فيهم الفلسطينيون أنفسهم.           
 

الفلسطينيون، كلمة تستحق أن نقف عندها قليلا، من هم بالضبط؟ محمود عباس؟ الرئيس الذي يمكن القول بشأنه أنه في المرحلة الأخيرة من سلطة شبحية، وعلى ماذا؟ على شيء ليس بالكثير، باعتبار أن المنظمات التي توجد في المعارضين لمحمود عباس، لو نجمع قاعدتها الانتخابية الإفتراضية هي أكبر بكثير تمثيلية للفلسطينيين مما تبقى من الجناح الفتحوي في سلطة عباس. وهذا لا يمنع، رغم ذلك، اختيار هذا الجناح مع العربية السعودية في الوقت الراهن لحمل محمود عباس المؤهل للخروج على ترك مكانه للمشهور محمد دحلان الذي يعرفه كل الناس. وفي نهاية الأمر، ليس لفرنسا في كل هذا الشأن أي دور لأنها لا تريد أن تلعب أي دور. ما دامت سياستها منحازة لتل أبيب، فإن فرنسا تحكم على نفسها بالعقم في أي تأثير بالشرق الأوسط. عوض أن تعترف بدولة فلسطين تمتنع عن ذلك، وعوض أن تشجع حركة "بي دي اس" (المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات) التي هي حركة سلمية تم إطلاقها بمبادرة من المجتمع المدني الفلسطينيي، فهي تدينها وتجرمها. تم إيقاف الحركة الشائن من طرف محكمة التعقيب، وأنتم كلكم على علم بهذا. فرنسا لا تقوم بأي شيء، وحين تقوم بشيء فهي لكي تلتصق مثل المحارة بالصخر بالسياسة الإسرائيلية.  نحن إذن في وضع سيء.
 

طالما بقيت فرنسا تتبع الطريق المنتهجة من قبل أمريكا وإسرائيل في الشرق الأوسط، فلن تلعب أي دور، وعليها أن تقطع مع هذه السياسة. هل يمكن للقادة الحاليين القيام بذلك؟ لا. في رأيي، فكريا وسياسيا، هم غير قادرين على ذلك. هذا العجز الجذري نهائي. التغيير السياسي وحده سيسمح يوما ما، لو أراد الشعب الفرنسي ذلك وعمل على دفع قادته في اتجاه سياسة بديلة، وهذا يبدو لي شيئا ملحا. لقد حدث هذا في السابق، وأشرنا إليه منذ حين: فرنسا كانت تعرف في الوقت المناسب، تحت رئاسات سابقة، الإحتفاظ بسياسة مستقلة، وتبني خط متوازن. لم تكن تنحاز بصفة ممنهجة لهذا الشق أو ذاك، ولا نطالب فرنسا بالإنحياز ولا إعلان الولاء لجهة محددة، وإنما عكس ذلك، بأن تُسْمِعَ صوتا مستقلا. فرنسا تعرف أنها غير قادرة على تغيير وجه العالم، ولكنها تعرف أيضا أنها لما تريد ذلك، تستطيع أن تُسْمِعَ صوتا مستقلا. وهذا الصوت، أعتقد أنه منتظر اليوم في الشرق الأوسط، ينتظره الفلسطينيون من كل الإتجاهات.
للأسف، هذا الصوت ما عاد يسمع اليوم.             
 

برونو غيغ

وقائع الأمبريالية والمقاومة،
نشر المعهد التونسي للعلاقات الدولية، 2018



روابط ذات صلة:


Quand les médias crachent sur Aaron Bushnell (Par Olivier Mukuna)

Visant à médiatiser son refus d'être « complice d'un génocide » et son soutien à une « Palestine libre », l'immolation d'Aar...