mercredi 15 janvier 2020

ليس القرطاجيون هم من أصبحوا رومانا


أيهــجـرنـي قومي عفا الله عنهم / إلى لـغــة لــم تـتـصل بـــرواة ؟
  سرت لوثة الإفرنج فيها كما سرى/ لُعَابُ الأفاعي في مسيل فرات
  فجاءت كثوبٍ ضم سبعين رقعة / مُشَكَّلَةَ الألـوان مـخـتــلـفــــــات

(حافظ ابراهيم)


يبدو أن بعض وسائل الإعلام التونسية، وبالخصوص من القطاع الخاص، تود أن توحي لنا بأن تغريب البلاد، أو المشروع الذي أخفق في تحقيقه الإستعمار الفرنسي، وقد دام وجوده العسكري لما يناهزالثمانين سنة، كما أخفق فيه الوجود الروماني قديما، وقد دام لأكثر من ستة قرون، يكاد يصبح في سنوات وجيزة، وعلى أيد  محلية من أجيال العصر، إنجازا قائم الذات. فشواهد التفرنس التي تطفو بشكل خاص على هذه القنوات، تعد نموذجا في مجال الإغتراب، ومثالا عاليا، لا حياء فيه ولا تستر، لاكتساح ثقافي ممنهج، هو السمة الأولى لهذه المحطات، إذاعية كانت أو تلفزية، والعنوان الأبرز في خطها الإعلامي.

 أسماء برامج، خطا وكلمة، بالفرنسية(1)، والشيء نفسه ينطبق على فقرات هذه البرامج ، "توليديات" برامج، أو ما اصطلح على تسميته بالجنيريك، على نفس النمط، ومضات إشهارية، إما تَفَرْنَسَت بالكامل، وإما تَهَجَّنت بأكثر من الوافي، ألسنة منشطين ومنشطات  وضيوف كرام لهم، شابها من التَّهْجين ما يطفح به الكيل، حتى أنها، لجودها وغزارة ثقافتها، تأبى التكرم علينا بجملة واحدة في خمس كلمات، دون أن تكون أربع منها باللسان الفرنسي القح.




يحدث هذا في بلاد قال أحد أبنائها قديما، وهو يخاطب الرومان وأهل البلاد على حد السواء: "ليس القرطاجيون هم من أصبحوا رومانا بقدر ما أصبح الرومان قرطاجيين". 

هل يجوز للتونسيين، حتى وإن عد بينهم على الأصابع من يذكر تَرْتُلْيَان، وهو صاحب
القولة هذه، أن يتنكروا لهذا الفخر الوطني؟ أقول كتونسي، وليس بصوت خافت: لا. والأولى بمن تخلى عن لغته وبدا وكأنه يناغي ديك الغال، أن يراجع أقلاما لـ"أحفاد الغال" نفسهم في مسألة اللغة الوطنية بالتحديد(2)، ثم التاريخ، بدءا بالمراجع الفرنسية التي لا تحصى ولا تعد(3)، عن انحناءات التقديرالتي سجلت لتَرْتُلْيَان وغيره، وما كانوا بالقلائل، ممن ذادوا عن فخر الإنتماء لهذه الأرض. وليس أقل هذه الإنحناءات تعبيرا، في رأيي، كتلك التي خطها  الكاتب الفرنسي "بروسبار أنفنتان"، منذ ما يناهز عن القرنين، حين نقل لقرائه النص الكامل لـ"رسالة المنديل"، واعتذر لطولها بالقول: "معذرة لطول الإقتباس، فترتليان يبدو لي عظيما من خلاله !"


هل يطمح أصحاب هذه المحطات، في تونس، بعد خضوع جزء كبير من إعلامنا الوطني للرأسمال المحلي والأممي، وانخراطه فيما يسمى بــ"تصنيع الموافقة لتجسيد الكابوس الذي تَلَمَّحَه، في مصر الإخشيدية، حافظ ابراهيم ؟ لا نشك أن من يقف وراء سياسة الفرنسة بهذه القنوات (4)، هم جزء من خيال ظل تدار خيوطه خارج البلاد، أو تحت خيمة منظمة تعمل بالوكالة لصالح من يحرك هذا الخيال، أو، لم لا، مباشرة تحت قبة دبلوماسية في تونس. لكن تونس الإباء، وشعبها الذي يسميها "بية"، لا يسعهما إلا الوقوف في وجه من يريدها حاملة ذيل.. ذيل فستان يختال وراء البحر بزهو الغال، وغاب عن لابسة الفستان أن إباء البلاد، كما ضمير الشعب، ليس قدرهما أن يكونا أقل فخرا من "سردوك" الغال..

 لن تصبح "غُزَّة فولتير"(5) على تراب البية وفوق تربة تَرْتُلْيَان، للضَّادِ غَازِيَةً.



أتساءل عن حق، وأتمنى أن تصبح المساءلة مطلبا وطنيا: هل تتلقى هذا القنوات حب قوتها من جهة ما، خارجية أو داخلية، تحفزها على هذا "الإنتاج المتنامي" وتبرر محصولا قياسيا لا يقارن بصابة زيتون أو دقلة أو قمح ؟ 

أتساءل عن حق، وأتمنى أن تصبح المساءلة مطلبا وطنيا: هل في سكوت الدولة عما هو مكشوف ما يبرر "مستورا" لا يجوز النفاذ إليه ؟ هل ثمة اتفاقيات ثنائية، سرية، بين تونس وطرف داعم للفرنكفونية تُشرِّعُ قبولنا بهذا الإكتساح اللغوي، مقابل بقشيش أو خدمات تسدى للدولة ؟

 كيف يعقل أن نعاين هذا الكم الهائل والمتزايد كل يوم من سمات الفرنسة، والأنجلزة أحيانا، في المشهد الإعلامي المسمى بالوطني، ولا يرتفع في البلاد صوت رسمي ليقول: صبرنا كثيرا، كفانا عارا ؟ أين قيس سعيد الذي صوت جزء كبير من التونسيين للسانه العربي القح أكثر ممن صوت لشح المغزى في شعاره: "الشعب يريد" ؟ "أريد رَدَّكم  بهذا الصدد، يا أستاذ، يا فخامة الرئيس! بصفتكم ضامنا للدستور، هلا تنتبهون لانتهاك مس المادة الأولى منه، والمادة 39، حتى أفسدهما معناهما"؟ أين مجلس الأمن القومي، والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري، والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد(6) ومجلس الشعب ؟ هل هذه المسألة ليست من مشمولات تلك الهياكل؟ هل تعتبرالظاهرة الألسنية هذه، خلافا لما أرى، طبيعية، ولا تدعو للتنبيه، في بلاد ينص دستورها بمادته الأولى، وفي جملة ما ينص، على أن تونس دولة مستقلة ذات سيادة، لغتها العربية ؟ هل بهذا التواطؤ (لأن في الصمت رضى وتواطؤ) تستطيع الدولة إقناعنا بأنها "تعمل على تأصيل الناشئة في هويتها العربية الإسلامية وانتمائها الوطني وعلى ترسيخ اللغة العربية ودعمها وتعميم استخدامها"، وفق المادة 39 من الدستور؟

ما أحوجنا، في انتظار أن يعود الوعي لمن فقده، لنص قانوني أقله كذاك الساري بفرنسا والمعروف بــ"قانون توبون"!(7) ولكن قبل كل قانون وأقدس من كل نص، ما أحوجنا بالخصوص لفخر كذاك الذي عبر عنه ترتليان، وردد صداه الكون والتاريخ.

 تَرْتُلْيَان
" أيها القرطاجيون، لقد كنتم سادة إفْريقية منذ غياهب الدهور، والإمبراطورية التي كنتم ماسكين بزمامها- وقد كان لها ذات الإمتداد لهذا الجزء الشاسع والرائع من الأرض- كانت قائمة منذ قرون وقرون، حتى بِالْكادِ نستطيع تَلَمّحَ بداياتها. اعلموا أن لكم إسما وبأسا لهما نفس الباع والرسوخ، حتى أنه لا  يكاد يسمع للإسم صدى دون أن  يثير لِلتَّوِّ هيبة البأس الذي اقترن به. وعلى الأمم الأخرى أن تُقِرَّ لكم صراحة بهذا الصيت وأن تعترف أقواها وأعتاها بأنه إذا حُقَّ لشعب أن يفخر بمجده على قدر رسوخه في منابع التاريخ فليس ثمة شعب بوسعه أن ينازع  جدارة هذا الحق للقرطاجيين. واعلموا أن نصيب الحاضر في اسعادكم ليس أقل من نصيب الماضي في عظمتكم، ولئن بدا لفترة أن قرطاج بعد ما لحقها من دمار وخراب لم تعد غير تجسيد للوحدة البائسة والموحشة، فإن المنتصر الذي حولها لرماد قد أعاد بناءها في حقيقة الأمر، والرومان الذين جعلوا من ديارها قفرا خلاء قد أعادوا إعمارها، ثم  هم -فضلا عن ذلك- أبقوا للخلود المخلد على اسم قرطاج. أقول لكم وللعبرة: ليس القرطاجيون هم من أصبحوا رومانا بقدر ما أصبح الرومان قرطاجيين." ( ترتليان (160- 220) - رسالة المنديل)
 


أحمد العامري
02 . 01 . 2020 

(1) ربما الأدهى والأمر يكون في استيراد كلمات فرنسية من أصول عربية.
لو أخذنا على سبيل المثال "Bas les masques"، وهو عنوان لبرنامج  فرنسي قديم يذكره جيلي من التونسيين، كان يعرض على قناة " فرانس 2" في التسعينات، ولا ندري إن اشترت القناة التونسية التي تعرض اليوم برنامجا بنفس الإسم حقوق البث أم لا، ولكن ما يهم أكثر أن العنوان بأكمله مشتق من أصول عربية. "masque" التي دخلت للفرنسية سنة 1514 بمعنى "وجه اصطناعي للتنكر" هي، وفق أكثر من مرجع لغوي غربي (1، 2، 3، 4، 5) مشتقة من كلمة "مسخرة" عن طريق الإيطالية "مسكرة maschera". أما "bas" التي دخلت للفرتسية سنة 1119، ويزعم أنها مشتقة من اللاتينية "bassus"، فهي في رأيي من "َبَعَصَ" (أي أصبح نحيلا) أو "بعصوص" (الضئيل الجسم) وليس من اللاتينية "bassus"، لأن هذه الأخيرة تعني "بدين، ضخم"، وهو ما لا يتفق مع المعنى الفرنسي الذي يفيد "قليل الإرتفاع، قليل العلو"، ثم إنها، فضلا عن ذلك وبشهادة  لويس اميلي سيديو، هي اسم علم في الأصل. وأعتقد أن اميلي سيديو حين يدعم أصلا عربيا وينسب للعربية "bassa" و " abassa" دون استناد لأصل بالخط العربي الصريح، هو لا يدعم "بعص" الذي أتبناه أو "أبعص" (الغير موجود)، ولكن "باح" (بمعنى صرع وقتل) و"أباح" من خلال الطرح الذي يسنده اللغوي الإسباني فرانسيسكو مارتينيز مارينا (Francisco Martinez Marina) واللغوي الإيطالي إنريكو ناروتشي (Enrico Narducci).  ماذا بقي غير عربي في " Bas les masques" ؟ لا شيء لأن "Les, le, la" تم استنساخها من أداة التعريف العربية "الــ".
لو أخذنا "Rendez-vous" المشتقة من فعل "rendre" أي "رَدَّ "(وهذا الأخير دخل للفرنسية في المنتصف الثاني للقرن العاشر) سنجد أن أقدم شكل للفعل في اللغات الرومنسية هو "red"، وقد ورد في نص يعود للقرن الثامن وربما السابع، في جملة تقول: "Jesús li bons ben red per mal"، وتعني "المسيح الطيب رد الخير مقابل الشر". ولا أخال الفعل الفرنسي مشتقا من الجذر اللاتيني وهو "reddere/ reddo" (رغم التطابق في المعنى) وإنما جاء من الجذر العربي "رَدَّ / يَرُدُّ" من خلال البروفنسالية التي نجد فيها "rendre, reddre, redre, retre".(انظرEtymologie على هذا الرابط).
لو أخذنا  كلمات مثل "Chiffre" و"ِCoup de coeur" و"Coup de gueule"، وهي عناوين فقرات في أحد البرامج اليومية، لوجدنا  في العناوين الثلاث واحدا مشتقا من العربية، والثاني في جزء منه فارسي وفي جزء آخر يرجح أن يكون من العربية أيضا، والثالث، فيما يخص الجزء الثاني، يعتبر عربيا-فارسيا، والأرجح أنه دخل الفرنسية عن طريق العرب. الكلمة الأولى،"chiffre"، معروفة، هي من "صفر"، أما عبارة coup de coeur ، فهي فيما يخص coeur مشتقة من اللاتينية "cordis"، ويجدر التذكير أنها تعني، فضلا عن القلب، "أحشاء، أمعاء".. ولو قارنا العربية "كَرْشٌ"(انطقها بالتنوين) بالإسبانية والغاليسية "corazón "( كُرَثُنْ)، وفي كليهما نجد أنه فضلا عن المعنى الأول لـ "قلب"، الكلمة تعني أيضا "كرش، أحشاء"، لتبين لنا مدى التطابق بين هاتين اللغتين واللاتينية من ناحية والعربية من ناحية أخرى. وبالتالي فإمكانية اشتقاق اللاتينية من العربية واردة جدا. وفيما يخص كلمة coup التي نجدها في عبارتي"ِCoup de coeur" و"Coup de gueule" فهي من اصل فارسي مثلما بين ذلك أنطوان بولان بيهان.   

(2) هذه عينات مترجمة، والنصوص الأصلية على الروابط، للبعض مما خطه كتاب فرنسيون، في هذا الصدد: "إن الأداة الأولى لنبوغ شعب، هي لغته. " (ستندال، كاتب (1783-1842)) - "أبتهج لرؤية شعب يدافع عن لغته ." (مايكل إدواردز (شاعر فرنسي ، ناقد أدبي ، مترجم ، أستاذ وعضو في الأكاديمية الفرنسية منذ 2013)) -  "الويل لشعب فقد لغته أو طغى عليها التفسخ حتى فقدت معناها الأصلي.[...] شعب كهذا يصبح في ذمة الله.. "(إتيان غاوسن ، (1813-1896)، خطاب، وقائع الأكاديمية الملكية للعلوم والآداب والفنون الجميلة، مجلد 25، باريس، 1863، ص. 649) - "الشعب الذي يفقد لغته يتخلى عن جنسيته." (فيكتور سان دي جونيس، تاريخ سافوا، ج. 3، باريس، 1869، ص. 227)- "تذكروا [...] أن الشعب الذي يفقد لغته يفقد روحه كشعب، فبخنوعه هذا لأجناس أخرى قد روضته، يكون قد ذاب  فيها وتلاشى وفي النهاية مآله الغرق."  (أرسين فيرمينوز، شذرات غير منشورة من الألسنة الأكستانية، لو كنفيز، 1996، ص 191)

 (3) لمن تعوزه المراجع، تاريخ شمال افريقيا القديم، بقلم ستيفان جزيل في 8 مجلدات بالعربية (ج.1، ج.2، ج.3، ج.4، ج.5، ج.6، ج.7، ج.8) والفرنسية ( vol. 1, vol. 2, vol. 3, vol. 4, vol. 5, vol. 6, vol. 7, vol. 8)، والتاريخ الأدبي لإفريقيا المسيحية منذ الأصول حتى الغزو العربي، بقلم بول مونسو، في 7 مجلدات بالفرنسية (vol. 1, vol. 2, vol. 3, vol. 4, vol. 5, vol. 6, vol. 7)، تضاف إليها دراسة مخصصة لأفولي.

(4) حتى لا أوحي للقارئ بأني أرشق بالحجارة كل الناس في هذه القنوات على حد السواء، لا بد من إعطاء كل ذي حق حقه والإشارة للتقدير الكبير الذي أكنه للكثير من الإعلاميين العاملين في هذه القنوات ولبرامجهم القيمة (وهي بالمناسبة خارج الخانة المعنية). أرباب هذه القنوات، من مالكين ومسيرين ومنتجين لمادة التهجين والفرنسة هم المعنيون تحديدا بفحوى هذه الورقة.
(5)- فولتير، أو بطريرك الأدب الفرنسي كما يحلو لبعض النقاد تسميته، أوصي مواطنيه من المثقفين خيرا بـــ"الْغُزَّة الفخورة التي يتوجب التكرم عليها بحسنات من حين لآخر". وبقيت الوصية خالدة سيما وأنها موثقة  في أول خطاب للكاتب بالمجمع اللغوي الذي أصبح عضوا فيه، بتاريخ 2 ماي 1746. ورغم امتعاض العديد من النقاد الفرنسيين من هذه الوصية، فإن هالة التقدير التي يحظى بها فولتير كأبرز فلاسفة الأنوار لم تساعد على حجب هذا الوصف المشين للفرنسية كلغة، حتى أن بعض الكتاب لم يتحرجوا بعد وفاة فولتير من استبدال "فخورة fière" بــ"نبيلة noble"، لغاية بلاغية صرفة مفادها أن النبل يطغى على "الغزوزية"، لكن، فخورة كانت أو نبيلة، "الْغُزَّة" (la gueuse) تبقى دوما في حاجة لصدقات المحسنين. و"الْغُزَّة" (la gueuse)، لغويا، بخلاف الطرح الذي يسند هذه الكلمة للهولندية، مشتقة في رأيي من "الْغُزِّ"، كلمة يعرفها ابن منظور بـ"جنس من الأتراك"، ويكره سماعها أتراك اليوم ممن ينسبون أنفسهم للسلالة العثمانية، لأن الكلمة، كما درجت على لسان العرب، لها دلالة "الصعلكة" وتوحي بالكثير من التحقير. ومن نفس الجذرفي اعتقادي أيضا (وليس من "غزا"/"يغزو" كما يدعي البعض) اشتق اسم "الغوازي" راقصات مصر اللاتي يمتهن أيضا "فن" الدعارة، ودخلت كلمة "غوازي" للفرنسية منذ حملة نابليون على بلاد النيل، وبالتالي فــ"غُزَّة" (gueuse) لا تعدو أن تكون "تهجية" قديمة لـ"غوازي"، دخلت لهذه اللغة  في شكل المذكر (gueux) في منتصف القرن الخامس عشر، وشابها من التعتيم اللغوي ما شاب الآلاف من الكلمات الفرنسية ذات الأصول العربية.  ونفس الشيء ينطبق على "فخورة" (fière) التي كانت تعني في بداية دخولها للفرنسية كنعت مذكر"متوحش، غير أليف، صعب الترويض"، والمعنى الأصلي هذا ولئن انحسر بتطور الكلمة، فقد بقي في كلمة "féroce" (التي يعود تاريخ فرنستها لسنة 1460) وهي مشتقة من نفس الجذر. والكلمتان في أصلهما، حتى وإن حق للفخورة أن تنكر ذلك، تنبعان من العربية  "فَرَّاس" (وتعني "مفترس" وهي أحد أسماء الأسد) عن طريق اللاتينية "férus"، التي تفيد نفس المعنى الأصلي للفرنسية. ولا نستغرب أن نجد النعت الفرنسي، وفق العديد من النصوص القديمة وأولها "نشيد رولان"(Chanson de Roland)، يطلق بالخصوص لوصف الأسد أو الفهد. فَرَّاس، مفترس، فريسة، افتراس، فَرَسَ، وغيرها، هي شقيقات لـــ"فيارfier" و"فيروس féroce"الفرنسيتين. أما "الحسنة"(aumône) التي دخلت الفرنسية في النصف الأول من القرن العاشر في شكل almosnes، وكذلك الشأن بالنسبة لشقيقاتها في اللاتينية (eleemosyna إليموسينا) واليونانية (ἐλεημοσύνη إليموسينا)، وغيرها من اللغات، فهي أيضا، وبلا أدنى ريب، ولو أنكرت الفخورة ذلك، من الجذر العربي "المحسن" من "أحسن" الذي اشتق منه "أحَاسِنُ"، "حُسْنَى"،  "إحسانات"، حُسْنَيَاتٌ"،"الإحسان"، الخ... وفي مواريث الفرنسية الوسطى، فضلا عن حرفي التعريف العربيين "الــ al, el"، أكثر من شاهد يدعم هذه الأصل المذكور: (almosne, almosnance, almosnerie, almosnie, almosner, almosneus).  استعمل فولتير في جملة واحدة للتدليل على حاجة الفرنسية لللإثراء اللفظي ثلاث كلمات من أصول عربية (gueuse, fière, aumône)، تضاف اليها رابعة عندما شاء البعض (من أمثال جاك ميلشيور فيلفرانش) استبدال "fière فخورة" بــ"نبيلة noble" (*). ومغزى هذه الحاشية: ما أحوج إعلاميينا لمعرفة الفرنسية والعربية كما ينبغي حتى يدركوا أنه بقدر ما لا تحتاج تونس لاستيراد الدقلة (التي اشتقت من اسمها اللاتينية dactylus والفرنسية datte) من فرنسا لا تحتاج لغة الضاد لاستيراد ما يقر الفرنسيون أنفسهم بأنه بضاعة الضاد. ولعل فيما سأختم به هنا دلالة بينة على صدق ما أدعيه: "إذا استطعنا القول أنه قبل نهضة الآداب كانت الفرنسية بالكاد تحتوي على كلمة من أصل يوناني مقابل خمسمائة كلمة من أصل لاتيني، سيكون من الإنصاف أن أضيف: ومقابل نفس العدد تقريبا من الكلمات ذات الأصول العربية . لا بل زد على ذلك ، جاءت هذه العبارات اليونانية النادرة عبر اللغة العربية بدلاً من اللغة اللاتينية. " (لويس اميلي سيديو ، خلاصة تاريخ العرب)

(*) الكلمة أو ل ما دخلت الفرنسية، وكان ذلك بتاريخ 1100، موثقة بشكلين: nobile و noble. ويراد لها -وفق من يدعي في أصول الكلام فلسفة- أن تكون مشتقة من nobilis اللاتينية المركبة بدورها من "gnosco (« connaitre »)" بإضافة اللاحقة "-bilis". والحال أن الجذر الثلاثي (n.b.l = نـ. ب. ل) كما المعنى الأصلي للكلمة الفرنسية (من يفوق الآخرين بجودته وقيمته ومزاياه) يغني عن كل تعليق.

 (6) الفساد في المفهوم اللغوي وفي المفهوم الدارج عندنا والمتعلق بكسب مادي غير مشروع. في الفصلين 46 و 47 من "المقدمة" تعرض ابن خلدون لـمسألة الفساد في اللسان العربي، وقال أنه ينجر عن تراكمات استعمالتية لألفاظ غير عربية تصبح بالتداول والتكرار "مَلَكَةً"، وهو يقول بهذا الصدد:" اللغة للعرب بالطبع أي المَلَكَة الأولى أُخِذَتْ عنهم، ولم يأخذوها عن غيرهم. ثم فسدت هذه المَلَكَة لمُضَرَ بمخالطتهم الأعاجم. وسبب فسادها أن الناشئ من الجيل، صار يسمع في العبارة عن المقاصد كيفيات أخرى غير الكيفيات التي كانت للعرب، فيعبر بها عن مقصوده لكثرة المخالطين للعرب من غيرهم، ويسمع كيفيات العرب أيضا، فاختلط عليه الأمر وأخذ من هذه وهذه، فاستحدث مَلَكَةً وكانت ناقصة عن الأولى. وهذا معنى فساد اللسان العربي." (مقدمة العلامة ابن خلدون، نشر الأرقم بن ابي الأرقم، 2016، ص. 633) والتشخيص الخلدوني لهذا الداء، إذ ينطبق على اللسان التونسي الدارج والمتدرج أكثر نحو مَلَكَةً الفرنعربية، يستدعي بالضرورة في رأيي اهتمام كل الهيئات المذكورة وعلى رأسها المعنية بمقاومة الفساد. دون ذلك، تونس تصبح مشروعا لــ"مقاطعة" فرنسية تصبح العربية فيها لغة ثانية والفرنعربية لغتها الأولى. وإذا طرحنا إمكانية وجود مال فاسد يدعم هذا "التفرنس" الغازي بالشكل المجسد صورة وصوتا وفيديو، فاهتمام الهيئة المعنية بهذه المسألة يصبح ضمن صلاحيتها المضمنة أصلا بالنص القانوني.

(7) نشير الى أن هذا القانون ليس الإجراء الوحيد الهادف لحماية اللغة الفرنسية، إذ نجد هذه الحماية أيضا ضمن صلاحيات "المجلس الأعلى للصوتيات والمرئيات"، وهو النوذج الأصلي لما نسميه في تونس "الهايكا"، لكن الهيئة التونسية، فيما يبدو، أسقطت مما استنسخته البند المتعلق بالدفاع عن اللسان الوطني.


mardi 14 janvier 2020

"Dégage, dégagisme.. et les mystes de la philologie

« Si l’on peut dire qu'avant la renaissance des lettres le français contenait à peine un mot d’origine grecque contre cinq cents mots d’origine latine, il serait juste d’ajouter: et contre presque autant de mots d'origine arabe ; encore ces rares expressions étaient-elles venues plutôt par l’intermédiaire de l’arabe que du latin. » (Louis Amélie Sédillot, Histoire générale des Arabes, T. 2, Paris, 1877, p. 203 )



Le 1er juin 2011, le jury du 7e Festival du mot de La Charité-sur-Loire (France) a choisi comme mot de l'année « Dégage !».

Presque le jour même, les échos se répercutent, pléthore, notamment en Tunisie et en Egypte -comme en témoignent encore quelques vestiges de pages électroniques, sur les antennes (bien) branchées. Et l'on ne manque pas de disputer d'entrain et de ferveur, dans l'un et l'autre pays, et dans le transport commun d'échotiers et leurs écoutiers, pour s'en flatter à qui mieux mieux. Et même s'en adjuger de chaque nationalité le mérite plus ou moins exclusif. En un mot, de ce côté-ci de la Méditerranée la  mémorable distinction charentaise était devenue, du jour au lendemain, une citation des peuples arabes, et de leurs élites dégagistes surtout, à un grand tableau d'honneur français.

Il est vrai qu'en ce 1er juin 2011, ledit festival français, par la voix
Printemps qui cause pas arbi ?
du président de son jury, n'a pas oublié de citer des Arabes. « Cet impératif, expliquait Alain Rey, a été brandi en Tunisie au début d'un mouvement d'in-surrection populaire et pacifique, devenu une révolte puis une ré-volution. Dégage ! signifie à la fois partir, s'en aller, libérer ce qui est coincé, retenu ou encore déblayer, désherber, désencombrer. » 

Toutefois, et toutes proportions gardées, si l'on peut tirer quelque honneur de ces mots, pour l'attribuer surtout à la Tunisie, ce serait lequel, en toute honnêteté ? Je dirais sans ambages que le seul mérite de notre pauvre Tunisie, et qui vaille d'être lu et relu dans le discours d'Alain Rey, c'est d'avoir été, dans ce gala charentais surtout, la digne caudataire de la « fière française » (1) mise en gala. Car, et je ne le dirai jamais assez à ceux qui ont pu se gourer sur le sens réel de ce clin d’œil aux Arabes : c'était à l'honneur exclusif de la langue française. Et les Tunisiens n'ont été évoqués dans ce contexte précis que pour rappeler, et à bon droit -qui n'en conviendra pas ? l'étendue outre-méditerranéenne du rayonnement culturel français. Il n'est que de revoir, si besoin, ce qui a été publié en France, à la naissance de ce printemps arabe parlant français, pour en admettre l'évidence.

Mais il n'y a pas que cette méprise qui mérite d'être rappelée à ce propos. Je voudrais en rappeler une autre, qui touche à l'étymologie de "dégage !" et j'espère qu'Alain Rey et ses pairs, français ou d'autres nationalités, en prendront acte. Ce que cet homme, linguiste, lexicographe et rédacteur en chef des éditions Le Robert, n'a pas dit en ce 1er juin 2011, pas même un petit chouïa, c'est que le français "Dégage !" dérive, en vérité, de l'arabe « وديعة wadiâ [gage] ». 

Oui. Absolument. Et j'espère que l'éclairage que je vais fournir au lecteur sera assez suffisant pour démontrer la pertinence de ce que je dis.


Issu du verbe "dégager", l'impératif français est composé du préfixe "dé" et "gage". Ce mot est attesté pour la première fois en 1130, sous la forme "gwage" (Lois de Guillaume), et signifie « ce qu'on met ou laisse en dépôt, comme garantie d'une dette, de l'exécution de quelque chose ». C'est mot à mot le premier sens du vocable arabe, et on le trouve mentionné, entre autres dérivés (3), dans Dozy (4). Quant à l'étymologie communément admise, de Du Cange à Littré, en passant par les Ménage, Diez et autres, nulle place pour le « وديعة wadiâ [gage] » parmi les parents putatifs de  "gwage". Le mot est rattaché tantôt au bas-latin vadium, wadium, latin vas, vadis, tantôt au germanique  wetti « gage, amende », allemand wette « pari, gageure ».

Avant d'éclairer le mystère (5) de l'étymon arabe devenu "gwage" puis "gage", il convient de rappeler quelques mots d'origine dhadienne latinisés, francisés et/ou romanisés dans d'autres langues, comme:  alguasil (الوزير al wazir, bédégar بَادْ-ورْد badward, guadafiones وظافة wadafa, guahate  واحد wahid, guedre ورد ward, bagatelle بواطل bawatel, Véga واقع waqiî, varan   ورل waral, validé والدة, vizir وزير, cavas قواس, carvi كروية, alvacil الوزير, vakil وكيل, adarve الذروة edh-dhirwa. J'ajoute encore, quoique moins connu, gahen وهن wahan (terme de médecine médiévale signifiant allongement de ligament) et les toponymes espagnols Guadeloupe وادي الحَبٌ wadi al habb, et Guadalajara وادي الحجر wadi al hajar.

En observant les mots arabes et leurs formes romanisées, on constate que le و wa[w] arabe, romanisé, se rend soit par "gu", ou "g" soit par "v" et quelquefois "w" (6).

Si l'on met côte à côte وديعة [wadiâ] et le "dé-gage» français, en prenant en compte ce qui précède, on ne manquera pas de reconnaître en la forme primitive de "gage", c'est-à-dire "gwage", un incontestable dérivé de l'étymon arabe. A moins d'être plus myste que véritable linguiste, Rey devrait constater cette évidence qui saute aux yeux et la faire reconnaître par les Français.

Il va de soi que l'analogie entre l'arabe وديعة wadiâ (gage) et le latin wadium, wadia, wadiī, wadī, wadio (de sens identique), l'ancien francique waddi « gage », le néerlandais wedde (de même sens), l'ancien allemand wetti « gage, amende »; l'allemand moderne Wette « pari, gageure », semble se passer de commentaires. Il en va de même pour le latin vadium, vadis, variantes orthographiques du même mot. Mais comment expliquer, me dirait-on, ce vieux "gwage" des Lois de Guillaume

Là encore, le mestour n'aurait rien de mystérieux ! Il suffit de comparer "gwage", "gahen", "Guadeloupe", "Guadaljara", pour comprendre que l'altération subie par les mots arabes, au niveau de l'initiale "و wa" est la même. Quant au reste de  وديعة wadiâ, il suffirait de confronter "alguazil", "alvacile" et "varan" avec les originaux arabes pour comprendre le mécanisme ayant fait de وديعة wadiâ  ce fameux  "gwaje" des Lois de Guillaume. Et s'il faut appuyer davantage ce mécanisme, je citerai le "waiða" régional français et le moyen français "gaaigneau",  le wallon "wagni", le francique "waidanjan", l'anglais "win" et le français "gagner". De même que toute une liste d'anthroponymes français comme Gagne, Gaigne, Gangné, Gangnereau, et leurs apparentés allemands Vagne, Vagnier, Vaniez, Vagneux, Vagnet, Vagnon, Vagnot, Vagoux, Vagnard, Wagneur, Wagneux, Wagnieux, Wagnier (7)... 

Pour conclure à ce propos, ce n'est pas tant un mot de l'année 2011 qui puisse flatter réellement les Tunisiens. Ni malgré leur sincère gratitude pour Mélenchon, le cri de ce militant français revendiquant ouvertement la filiation avec le mouvement d’insurrection populaire tunisien de 2011 (8). Non plus que la sympathie de Raphaêl Glucksmann suggérant de reconnaître aux Tunisiens le "copyright" de "dégagisme". Mais ce qui peut toucher réellement les Tunisiens, eux et les autres peuples frères, c'est qu'un dictionnaire français, ou seulement une voix d'autorité philologique, française ou de tout autre pays, puisse se revoir loin du socle gréco-latin, et revoir dans le juste sens l'étymologie de "gage".
 
« Voir un peuple défendre sa langue me réjouit. » (Michael Edwards (Poète français, critique littéraire, traducteur, professeur et membre de l'Académie française depuis 2013)


A. Amri
14.01.2020



Notes:


1- J'euphémise ici ce que Voltaire appelle tout crûment: « gueuse fière ».

2- Signalons ici que Le Petit-Robert, Ed° 2018, a intégré à son lexique "dégagisme", mot qu'il définit de façon succinte comme suit : "Dégagisme [deɡaʒism] n.m. -2011, répandu 2017, de dégager. Fam. Rejet de la classe politique en place, notamment lors d'une élection. Députés victimes du dégagisme."


3Dont on peut citer: اودع [awdaâ] confier, mettre en gage), مستودع [moustawda'] (lieu de dépôt, personne dépositaire d'un gage), توادع tawadaʿâ [s'engager mutuellement à], وداع  wadaʿ (adieu [confier à Dieu quelqu'un]), ودائع [wadaîʿ] (serments, engagements, contrats)...

4- Supplément aux dictionnaires arabes, T. 2,  Leide & Paris, 1927, pp. 791 - 792

5- Mystère: comparez avec l'arabe " مستور mestour", du verbe "ستر satara" (cacher) dont dérive "ستار sitar" que Pihan donne comme étymon de "store".

6Rappelons aussi que  le ع ('ain) arabe, son guttural typiquement sémitique, n'a pas d'équivalent ni en latin ni dans les langues romanes ou celtiques. Et l'on peut dire qu'il n'y a pas de règle fixe régissant sa vocalisation dans les langues ciblées par des emprunts arabes comportant ce son. Il se rend quelquefois par un "h" (alhanzaro العنصرة al-ânsara [nom arabe de la fête de Saint-Jean],  alhidada العضادة [alidade], alhagara العجارة al âjara [rideau]). Quelquefois il se vocalise par "g" (algarabia العربية al arabiya (moyen fr. algarvie, algarrada العرادة al ârrada [catapulte], algazafan العفص al âfs  [noix de galle], almartaga اَلْمَرْتَع‎ (al-martaʿ, “pâturage"), quelquefois par un "f" (alfagara,  العجارة, rideau), et plus souvent encore en "a" (anzarote عنزروت  ênzarout [sarcocolle], en "e" (elche علج îlj [barbare])...


7-  Claude Cougoulat, Anthroponymie, Sacré nom de nom: Histoire des mots racines qui ont généré les noms de famille, V. 1, p. 124

8- Voir la tribune datant du 30 janvier 2017: Valls valse, encore une victoire du dégagisme !


Au même sujet sur ce blog:

Mythémologie: hanche et racines arabes à la pelle

De deux mots il faut choisir le moindre
 
 Un brin de muguet pour toi

 في كلام منسوب للدكتورة نوال السعداوي

Le dromadaire: il blatère grec ou arbi ? 



mercredi 14 mars 2018

Icônes dacryogènes

La corde du mensonge est courte, assure la vieille sagesse des Arabes. Courte aussi, quand on parle de la guerre en Syrie, la vie des icônes que fabriquent l'industrie impérialiste du consentement et -pour reprendre une expression bien tournée de Bruno Guigue (1)- "les idiots utiles du « regime change »".

Il y a juste trois semaines, une vidéo "dacryogène" publiée sur Youtube a fait encore le tour du monde. On y voit une fillette du nom de Sondès, interpellant depuis son abri de fortune à la Ghouta orientale la conscience du "monde libre". Pleurs chauds et hauts cris entrecoupés de hoquets sollicitaient les d'Artagnan de ce monde d'intervenir pour sauver les enfants de la Syrie.

Et pas plus tard qu'hier, cette même Soundès est réapparue, cette fois-ci à la télévision syrienne et sous un autre jour, pour crier:" vive l'armée arabe syrienne et que Dieu préserve la Syrie!"

A peine née, l'énième icône(2) des contempteurs de Bashar se retourne contre ses producteurs. Comme pour Zainab al-Hosni, Omran Daqneesh, Amina Abdallah, et j'en oublie sûrement tant la liste est longue, ce nouveau tire-larmes concocté par les séides de l'impérialisme se révèle après coup contre-productif. Non seulement il s'est vidé de sa charge émotionnelle par l'icône devenue en quelque sorte "transfuge", mais il pourrait même désormais générer l'effet pervers d'un gaz hilarant.

Mon propos n'est pas de tourner en dérision le drame et les affres, réels, de tant de civils syriens en détresse, à la Ghouta ou ailleurs. Mais de crier haro sur l'écran de fumée qui cache, tronque, tord le cou à la vérité: le mensonge systématique organisé, occultant à chaque fois les véritables artisans du malheur syrien. 

Qui, de l'armée arabe syrienne et des groupes armés, tient à sa merci les civils de la Ghouta? Qui empêche ces civils d'être évacués loin des groupes armés? Qui les utilise comme otages, prises de bonne guerre, boucliers humains et monnaie d'échange pour une éventuelle capitulation? Voilà des questions que les pondeurs de ces vidéos de propagande instrumentalisant la détresse civile syrienne passent méthodiquement sous silence. On veut nous persuader que les groupes terroristes qui, en désespoir de cause, jouent le tout pour le tout afin de retarder autant que possible leur déroute certaine, ne sont pour rien dans la rude épreuve frappant les civils. Ici et en toute circonstance analogue, seuls le méchant Bashar et la non moins méchante son armée peuvent être pointés du doigt.

Ahmed Amri
14.03.2018

1- Je rappelle à mes chers amis tunisois que Bruno Guigue sera parmi nous du 19 au 21 mars courant et qu'il donnera une conférence en date du 19 à la Librairie copie (Ennasr Tunis) suivie d'une séance de dédicaces pour son livre "Chroniques de l'impérialisme et de la résisatnce" en version arabe.
2- Sur la fabrication d'icônes et le mensonge organisé en vue de donner aux puissances impérialistes un casus belli contre Bashar, le livre de François Belliot, Guerre en Syrie, dont je ne saurais trop recommander la lecture, fournit mille et un exemples amplement documentés et commentés. Ce livre est disponible en librairie, dans son édition tunisienne (ITRI, 2017)


mercredi 12 avril 2017

السلام.. يانيس ريتسوس



حلم الطفل هو السلام
حلم الأم هو السلام
كلمات الحب تحت الأشجار هي السلام
الأب الذي يعود مساء والبسمة العريضة تملأ عينيه
وفي يديه سلة مثقلة بالثمار
وعلى جبينه قطرات عرق تشبه
قطرات الماء المتجمد في الإبريق الموضوع على النافذة
هو السلام

يانيس ريتسوس

حين تندمل الندوب على الوجه الجريح للعالم
وفي الفوهات المحفورة تغرس أشجار 
حين في القلوب التي فحمها الأتون
يعيد الأمل بشائر البراعم
ويكون بوسع الموتى الإسترخاء على جنب
والنوم دونما أدنى شكوى
 وهم على يقين أن دماءهم
لم ترق هدرا

السلام هو رائحة الطعام الشهية
وحين تتوقف مساء في الشارع سيارة
ولا يثير توقفها  أدنى خوف
وحين لا يمكن لقارع الباب  أن يكون غير صديق
وحين أيا كانت الساعة 
لا يسع النافذة أن تنفتح الا على السماء
 لتشع عيوننا كعيد بقناديل ألوانها البعيدة 

حين تتحول السجون لمكتبات
ومن باب لباب تدب أغنية في الليل
حين يبزغ من السحاب قمر الربيع 
ساطعا كالعامل وهو خارج مساء السبت
كأبهى ما يكون من محل الحلاق بالحي 
هو السلام
السلام هو أكوام الحصاد تشع في حقول الصيف
هو أبجدية الجمال على ركبتي الفجر 
حين تقول يا أخي غدا سنبني
حين نبني وحين نغني هو السلام

حين لا يحتل الليل من القلب غير حيز صغير 
و
بالأصبع ترسم لنا المواقد  مسار السعادة
حين يستطيع الشاعر والكادح على حد السواء
أن يستنشقا عطر القرنفل ساعة الأصيل
هو السلام

اخوتي ، في كنف السلام وحده نستنشق ملء الرئتبن
 الكون أجمع بكل أحلامه
اخوتي، أخواتي، كونوا اليد في اليد
ذاك هو السلام

السلام بصوت جان لوك ميلينشون

يانيس ريتسوس

تعريب أ.عامري

 2017- 04- 09

 








vendredi 7 avril 2017

في سوريا عدوان امبريالي مكشوف - بقلم برونو ڨـيـڨ

صواريخ توماهوك ضربت بالأمس مطار الشعيرات العسكري بسوريا على بعد حوالي ثلاثين كيلومترا الى الجنوب الشرقي من حمص، ولئن تصدر الحدث الصفحات الأولى من الجرائد الرسمية فإن العدوان العسكري الأمريكي ضد السيادة السورية ليس الأول إذ سبق أن قتلت القوات الجوية الامريكية 80 جنديا من الجيش العربي السوري في دير الزور بتاريخ 17 سبتمبر 2017. وهذا العدوان الجديد ما كان وليد الصدفة لأنه تزامن مع وجود الجيش الوطني بعيدا عن قواعده في مواجهة شرسة لهجوم داعشي.
في الإعادة إفادة ! فهذا القصف الجوي يمكن البيت الأبيض مجددا من إغاثة وكلائه الذين تعرضوا لعملية "فصل فص المخ الجبهي" وهم يحاربون لحسابه ضد سوريا والسيادة السورية. وإذ يضرب ترامب بطيرانه الجهاز العسكري السوري فهو يعرف أنه لا يغير شيئا من ميزان القوى غير أنه  يريد إذلال دمشق. يريد أن يبين أن بوسعه النيل من الأرض السورية حيثما شاء ومتى شاء حتى يعطي الإنطباع بأن دولة الأسد ضعيفة. ولئن بدا أن الجيش السوري وحليفه الروسي قد بوغتا هذه المرة فليس بالأكيد أن تتكرر المباغة في المستقبل.

لقد أتت مجزرة خان شيخون الكيميائية  تقريبا في الوقت المناسب لتعطي لترامب تعلة من ذهب وتسمح له باستعادة موطئ قدم في نزاع لم تجن منه واشنطن على امتداد أشهر طويلة سوى الخيبات. وتجندت وسائل الإعلام المطيعة لاستغلال النبرة التعاطفية مع ضحايا المجزرة على خير وجه حتى يتم تبرير العدوان ويحقق ترامب  ما كان يصبو إليه.

وكالعادة، لخدمة هذه العملية الدعائية يستطيع ترامب التعويل على الخنوع الهائل لوسائل الإعلام الفرنسية وقد حازت في هذا المضمار الخرقة الصهيونية التي تجرؤ على تسمية نفسها بــ"ليبيراتيون" (Libération) على قصب التلاعب العاطفي. 

غير أن القيعان الكاذبة للصحافة الباريسية تنسى  عنصرا دقيقا صغيرا: ليس هناك دليل، دليل واحد، يثبت إدانة دمشق. فحسب  السلط السورية والروسية الطيران السوري قصف مستودعا للذخيرة يحتوي على أسلحة كيمياوية تابعا للفصائل الإسلامية وهذا التفسير هو الأرجح سيما وأنه لدينا الحجة الثابتة بأن جبهة النصرة استعملت سابقا أسلحة كيمياوية وأن الترسانة الكيمياوية السورية تم تفكيكها تحت مراقبة الأمم المتحدة سنة 2014. وعلاوة على هذا، لسائل أن يسأل ما الداعي للجوء الحكومة السورية وبصفة مفاجئة لرش شعبها بالغاز ؟ لا فقط هذه التهمة لا أساس لها من الصحة ولكنها تعد أيضا إهانة للعقل السليم. ما من شك أن هناك ضحايا أبرياء في هذه الحرب غير أنه لو كان النظام السوري بستهين فعلا بمصير المدنيين لتم محو الرقة أو أدلب منذ زمن بعيد. وبالتالي فإن تحميل بشار الأسد مسؤولية هذه المجزرة لا معنى له بالمرة. هذا هراء، لا غير. وصحيح أنه بقدر ما يكون الهراء كبيرا تصبح الخدعة أسهل. فمثلما عرض كولن باول سابقا زجاجة تفاح تعرض سفيرة الولايات المتحدة  فى الامم المتحدة صورا، بحيث يعيد التاريخ نفسه، وسيستمر الخداع بلا هوادة طالما وجد أغبياء يصدقون إعلام الخداع.
ولأن حبل الخيال لا يقصر، فقد ابتكر بعض "الخبراء" حكاية بديلة: من أصدر الأمر بتنفيذ هذه المجزرة ليس بشارالأسد وإنما "الجناح المتشدد للنظام السوري". وما الداعي لها ؟ الجواب فرض حل عسكري لإفشال المفاوضات حول إنهاء النزاع وإبلاغ الروس أن صاحب القرار الأخير في الحل والربط هو هذ الجناح لا غير. ومن المعلوم أن وظيفة الصحافيين في "الفيغارو" تفرض بعض التنازلات لصاحب المؤسسة، غير أننا لسنا ملزمين باتباع جورج مالبرونو الذي يتبنى هذا الطرح حين ندرك أن هذا الأخير يكتب وفق بطاقة الخلاص ومصدرها.

إن هذا التفسير الغريب في الواقع ماهو الا تكرار لما كان يقوله بعض المعلقين بخصوص الهجوم الكيميائي الذي حدث في 21 أوت 2013 ونسب زورا لدمشق. فقد قيل أنذاك أن جنرالات سوريين  ربما كانوا من ارتكب تلك المجزرة بمبادرة ذاتية. ومن المزايا الدعائية لهذه الرواية أنها تعفي السيد الأسد من المسؤولية المباشرة وفي الآن ذاته تجرم "النظام السوري"، وهو ما يسمح بإنجاز العقد الصحفي من ناحية، ومن ناحية أخرى يعطي  لأصحاب هذا الطرح الإنطباع بانهم أذكى من عامة الصحافيين. وهو انطباع ليس بالصعب حين نأخذ بعين الإعتبار مستوى الغباء الذي وصل إليه بباغو القنوات التلفزية. غير أن هذا الطرح لا يرتكز على أسس أصلب ولا يزيد واقعية عن الطرح المذكور سابقا.

لقد أظهر تقرير مفصل صدر عن "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا" أن الهجوم الكيميائي الذي حدث في 21 أوت 2013 لا يمكن أن يأتي الا من من منطقة المتمردين وكان الصحافي المستقل سيمور هيرش قال الشيء نفسه بعد اجراء تحقيق شامل وما من شك أنه يتوجب انتظار النتائج التي ستفضي إليها تحريات مشابهة حتى يتسنى التعرف على حيثيات مأساة خان شيخون التي حملت الأبرياء مرة أخرى العبء الأكبر من حرب نفذت من قبل واشنطن وأذنابها. وحتى ذلك الحين، سيحاول الكاذبون المحترفون المستحيل لإيهامنا بأن لا أحد غير بشار وراء مجزرة  خان شيخون.

القصف الجوي الذي تم يوم 17 سبتمير 2016 كان آخر هدية من باراك أوباما لقاطعي الرؤوس. ويأتي قصف السادس من أفريل 2017 ليكون أول هدية من دونالد ترامب. باعتدائه على دمشق يظهر الرئيس الأمريكي أن لا شيء تغير في واشنطن والآمال التي أثارتها تصريحاته كمرشح جمهوري سرعان ما تبددت ليتضح الآن أنها كانت سرابا. فهذا العدوان الإمبريالي العلني يمثل نهاية لحلقة قصيرة من السياسة. مثل الآخرين، ترامب هو دمية في يد اللوبي الصناعي العسكري والولايات المتحدة هي الحرب. الحرب التي يتمعش منها هذا اللوبي، وستبفى الأمور على حالها طالما لم تتلق الولايات المتحدة الضربات الموجعة التي تعيدها لرشدها.     

  برونو ڨـيـڨ
تعريب أ.عامري
أفريل 2017


لنفس الكاتب على صفحات هذه المدونة:

رسالة مفتوحة لــــ« مشعوذي الثورة السورية »

فرنسا: مهزلة الديمقراطية الباركة تحت البوركيني


 
برونو ڨـيـڨ Bruno Guigue
برونو ڨـيـڨ من مواليد 1962 بتولوز (فرنسا) هو مفكر ومحلل سياسي فرنسي وأستاذ فلسفة جامعي محاضر في العلاقات الدولية . شغل خطة موظف دولة سام في عهد ساركوزي وأقيل من منصبه لعدم تأييده للانحياز السركوزي لاسرائيل وعدائه للصهيونية. يكتب باستمرار في موقع أمة كوم 
ويناصر بلا هوادة القضايا العادلة للعرب والمسلمين وعلى رأسها قضية فلسطين ونضالات المقاومة في لبنان وسوريا.

له العديد من المؤلفات نذكر منها:
في جذور الصراع الإسرائيلي العربي:الندم الغير مرئي للغرب

Aux origines du conflit Israélo-arabe: l’invisible remords de l’Occident (L’Harmattan, 2002)

الشرق الأوسط وحرب الكلمات
Proche-Orient : la guerre des mots, L'Harmattan, coll. « Comprendre le Moyen-Orient », Paris, Budapest et Turin, 2003

أسباب العبودية
Les raisons de l'esclavage, L'Harmattan, coll. « Économie et innovation. Krisis », Paris, Budapest et Turin, 2002

هل يتوجب حرق لينين ؟
Faut-il brûler Lénine ?, L'Harmattan, Paris, Montréal et Budapest, 2001
اقتصاد التضامن: بديل أو حل مؤقت؟
Économie solidaire : alternative ou palliatif ?, L'Harmattan, coll. « Économie et innovation », Paris et Montréal, 2002



 مقالات للكاتب على امة كوم oumma.com 








Quand les médias crachent sur Aaron Bushnell (Par Olivier Mukuna)

Visant à médiatiser son refus d'être « complice d'un génocide » et son soutien à une « Palestine libre », l'immolation d'Aar...